للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ» أو رفع ما يوجبه اللفظ‍ كقوله: امرأتى طاق ان شاء الله».

[الاستثناء بالمشيئة]

جاء فى الهداية وشرح العناية (١):

واذا قال لامرأته أنت طالق ان شاء الله متصلا لم يقع الطلاق لقوله عليه الصلاة والسلام: «ومن حلف بطلاق أو عتاق وقال: ان شاء الله تعالى متصلا لا حنث عليه» ولأنه أتى بصورة الشرط‍ دون حقيقته لان حقيقة الشرط‍ عبارة عما يكون على خطر وتردد ومشيئة الله تعالى ليست كذلك لثبوتها قطعا أو انتفائها قطعا فلا تردد فيكون تعليقا من حيث الصورة.

والتعليق اعدام العلية قبل وجود الشرط‍ - ومعنى ذلك أن صيغة الطلاق عند الحنفية قد جعلها الشارع سببا فى وقوع الطلاق متى صدرت من الأهل لايقاع الطلاق وأضيفت الى المحل لوقوعه، والتعليق عندهم يمنع انعقاد هذه السببية، ويتوقف انعقاد الصيغة سببا لوقوع الطلاق فى حالة التعليق على تحقق الأمر المعلق عليه فاذا تحقق انعقدت السببية وترتب أثر عليها ويكون المعلق عندئذ بمثابة المنجز وهذا هو معنى قولهم ان التعليق اعدام العلية قبل وجود الشرط‍، والشرط‍ فى التعليق على المشيئة غير معلوم لنا أصلا أى لا يمكن لأحد أن يقف عليه، فيكون التعليق بالمشيئة اعداما من الاصل وليس اعداما للعلية قبل وجود الشرط‍ كما هو الشأن فى التعليق، ومن ثم كان هذا التعليق ابطالا للكلام.

وقد علق صاحب الفتح الكمال بن الهمام رحمه الله تعالى على الحديث المتقدم بقوله - غريب بهذا اللفظ‍ ومعناه مروى، أخرج أصحاب السنن الاربعة من حديث أيوب السختيانى عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فقال: ان شاء الله فقد استثنى ولفظ‍ النسائى ..

ولفظ‍ الترمذى، فلا حنث عليه وأخرجه أحمد والنسائى وابن ماجه، وقال الترمذى:

حديث حسن غريب.

وعلق على قول الهداية - والشرط‍ لا يعلم هنا فيكون اعداما من الاصل - بقوله:

يشير الى أن التعليق بالمشيئة ابطال وهو قول أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى كقوله تعالى {(وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ‍)} (٢) وقول الشاعر (اذا شاب الغراب أتيت أهلى. وعاد الثأر كاللبن الحليب) وعند أبى يوسف تعليق ملاحظة للصيغة وهما لاحظا المعنى وهو أولى.

وقد نقل الخلاف بين أبى يوسف


(١) الهداية وشرح العناية عليها ج‍ ٣ ص ١٤٣ وما بعدها من فتح القدير للكمال بن الهمام الطبعة الاولى الاميرية سنة ١٣١٦ هـ‍.
(٢) الاية رقم ٤٠ من سورة الاعراف.