للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت قد استهلكت قبل الاسلام أبطلتها، لأن الحربى من أهل التمليك، ألا يرى أنه من أهل سائر التمليكات كالبيع ونحوه، فكانت وصية جائزة فى نفسها، الا أنه ليس لفا ولاية اجراء أحكام الاسلام وتنفيذها فى دارهم، فاذا أسلموا أو صاروا ذمة قدرنا على التنفيذ فنفذها ما دام الموصى به قائما.

فأما اذا صار مستهلكا أبطلنا الوصية وألحقناها بالعدم، لأن أهل الحرب اذا أسلموا أو صاروا ذمة لا يؤاخذون بما استهلك بعضهم على بعض وبما اغتصب بعضهم من بعض بل يبطل ذلك كذا هذا (١).

وجاء فى الفتاوى الهندية: أنه لو أوصى رجل بأن يتصدق بثلث ماله فغصب رجل المال من الوصى واستهلكه فأراد الوصى أن يجعل المال صدقة على الغاصب والغاصب معسر. قال أبو القاسم:

يجوز ذلك (٢).

قال أبو القاسم: ولو استهلك الوصى مال اليتيم يخرج من الوصاية ويجعل غيره وصيا فيدفع الضمان اليه ثم يقبض منه الوصى.

وعن أبى نصر الدبوسى رحمه الله اذا باع وصى القاضى ميراثا لليتيم وقبض الثمن وصرفه الى حاجة نفسه، ثم ان الوصى

ينفق على اليتيم ويطعمه مع سائر عياله على قدر الدين الذى لليتيم عليه قال هذه كبيرة لا يحل لأنه استهلك مال اليتيم فلا يسقط‍ عنه الدين بهذا الاطعام (٣).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل: أن الموصى ان باع الموصى به أو كاتبه أو حصده ان كان زرعا - بطلت وصيته.

قال فى التوضيح يعنى أن من أوصى بزرع فحصده ودرسه وكاله وأدخله بيته فذلك رجوع، لأنه أبطل اسم الزرع ونقله الى اسم القمح (٤).

وجاء فى المدونة أنه لو قال رجل دارى لفلان مثلا ثم قال بعد ذلك: دارى لفلان - يقصد رجلا آخر - والدار التى أوصى بها هى دار واحدة، فان ذلك القول الثانى لا يكون نقضا لقوله الأول، وانما تكون الدار بينهما نصفين (٥).

أما ان قال الرجل: العبد الذى أوصيت به لفلان هو وصية لفلان - لرجل آخر - كان ذلك منه نقضا للوصية الأولى (٦).


(١) المرجع السابق ج ٧ ص ٣٣٥.
(٢) الفتاوى الهندية ج ٦ ص ١٣٤.
(٣) الفتاوى الخانية ج ٣ ص ٥٣٠ حاشية الفتاوى الهندية.
(٤) مواهب الجليل للحطاب ج ٦ ص ٣٦٩ الطبعة الاولى سنة ١٣٢٩ هـ‍.
(٥) المدونة الكبرى للإمام مالك ج ١٥ ص ٦٩ الطبعة الأولى طبعة ساسى بمصر.
(٦) المرجع السابق ج ١٥ ص ٦٩، ٧٠.