للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضرورة بخلاف الولادة فانه لا يجوز لأحد فيها من الرجال الاطلاع عليها فدعت الضرورة الى القبول واذا شهدت امرأة على الرضاع فالأفضل للزوج أن يفارقها لما روى محمد أن عقبة بن الحرث قال تزوجت بنت أبى اهاب فجاءت سوداء فقالت انى أرضعتكما فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فارقها فقلت انها امرأة سوداء وانها كيت وكيت فقال صلّى الله عليه وسلّم كيف؟ وقد قيل فى بعض الروايات قال عقبة فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض ثم ذكرتها فأعرض حتى قال فى الثالثة والرابعة فدعها اذن وقوله فارقها أو فدعها اذن ندب الى الأفضل والأولى لأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يفرق بينهما بل أعرض ولو كان التفريق واجبا لما أعرض فدل قوله صلّى الله عليه وسلّم فارقها على بقاء النكاح وروى أن رجلا تزوج امرأة فجاءت امرأة فزعمت انها أرضعتهما فسأل الرجل عليا رضى الله عنه فقال: هى امرأتك ليس أحد يحرمها عليك فان تنزهت فهو أفضل وسأل ابن عباس رضى الله عنهما فقال له مثل ذلك ولانه يحتمل ان تكون صادقة فى شهادتها فكان الاحتياط‍ هو المفارقة فاذا فارقها فالأفضل له ان يعطيها نصف المهر ان كان قبل الدخول بها لاحتمال صحة النكاح لاحتمال كذبها فى الشهادة والأفضل لها ان تأخذ شيئا منه لاحتمال فساد النكاح لاحتمال صدقها فى الشهادة وان كان بعد الدخول فالأفضل للزوج أن يعطيها كمال المهر والنفقة والسكنى لاحتمال جواز النكاح والأفضل لها ان تأخذ الأقل من مهر مثلها ومن المسمى ولا تأخذ النفقة والسكنى لاحتمال الفساد وان لم يطلقها فهو فى سعة من المقام معها لان النكاح قائم فى الحكم. كذا اذا شهدت امرأتان أو رجل وامرأة أو رجلان غير عدلين أو رجل وامرأتان غير عدول واذا شهد رجلان عدلان أو رجل وامرأتان وفرق بينهما فان كان قبل الدخول بها فلا شئ لها لانه تبين ان النكاح كان فاسدا وان كان بعد الدخول بها يجب لها الأقل من المسمى ومن مهر المثل ولا تجب النفقة والسكنى فى سائر الأنكحة الفاسدة (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى «حاشية الدسوقى والشرح الكبير» أن وصول لبن امرأة مرضعة الى جوف الطفل محرم ما حرمه النسب ان حصل فى الحولين من يوم الولادة أو بزيادة الشهرين عليهما الا ان يستغنى الصبى بالطعام عن اللبن ولو فى الحولين استغناء بينا بحيث لا يغنيه اللبن عن الطعام لو عاد اليه هذا هو المراد وسواء كان الاستغناء فيهما بمدة قريبة أو بعيدة خلافا لمن قال ببقاء التحريم الى تمامها وظاهره ان الرضاع اذا حصل بعد الشهرين والحولين لا يحرم ولو كان بعدهما بيوم واحد الا ان يستغنى بعد الفطام أما لو استمر الرضاع من غير فطام كان محرما فى مدته مطلقا ولو استغنى عنه بالطعام بالفعل فان استغنى بالطعام بعد الفطام كان غير محرم ولو كان الاستغناء فى حولين وسواء رضع فيهما بعد الاستغناء بمدة قريبة أو بعيدة على المشهور


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ح‍ ٤ ص ١٤.
١٥ نفس الطبعة.