للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم عن اضاعته، ولأنه عين تعلق بها حق الوثيقة فلم تمنع اجارتها، كالعبد اذا ضمن باذن سيده، ولا تسلم أن مقتضى الرهن الحبس، بل مقتضاه تعلق الحق به على وجه تحصل به الوثيقة، وذلك غير مناف للانتفاع به، ولو سلمنا بأن مقتضاه الحبس فلا يمنع كون المستأجر نائبا عنه فى امساكه وحبسه ومستوفيا لمنفعته لنفسه.

ثم قال (١): واذا انتفع المرتهن بالرهن باستخدام أو سكنى أو غير ذلك حسب من دينه بقدر ذلك قال أحمد:

يوضع عن الراهن بقدر ذلك، لأن المنافع ملك الراهن فاذا استوفاها فعليه قيمتها فى ذمته للراهن فيتقاص القيمة وقدرها من الدين ويتساقطان.

ثم قال (٢): ومؤنة الرهن من طعامه وكسوته ومسكنه وحافظه وغير ذلك على الراهن، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه، ولأنه نوع انفاق فكان على الراهن كالطعام، ولأن الرهن ملك للراهن فكان عليه مسكنه وحافظه كغير الرهن.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (٣) أن سكنى الدار المرهونة ومؤاجرتها تكون من حق الراهن، ولا يجوز أن ينتفع بها المرتهن لا بسكنى ولا بمؤاجرة، لأنها منفعة ومنافع الرهن كلها لصاحبه الراهن له كما كانت قبل الرهن ولا فرق، حاشا ركوب المرهونة، وحاشا لبن الحيوان المرهون.

برهان ذلك قول الله تعالى «وَلا تَأْكُلُوا ٤ أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ»،} وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن دماءكم وأموالكم عليكم حرام» وحكم عليه الصلاة والسّلام بأنه لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفسه وملك الشئ المرتهن باق لراهنه بيقين وباجماع لا خلاف فيه، فاذ هو كذلك فحق الرهن الذى حدث فيه للمرتهن ولم ينقل ملك الراهن عن الشئ المرهون لا يوجب حدوث حكم فى منعه ما للمرء أن ينتفع به من ماله بغير نص بذلك فله الوط‍ ء والاستخدام والمؤاجرة والسكنى وسائر ما للمرء فى ملكه الا كون الرهن فى يد المرتهن فقط‍ بحق القبض الذى جاء به القرآن ولا مزيد.


(١) المغنى لابن قدامه المقدسى الشرح الكبير عليه ج ٤ ص ٤٣٤ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق والشرح الكبير عليه ج ٤ ص ٤٠٧، ص ٤٠٨ الطبعة السابقة.
(٣) المحلى لابن حزم ج ٨ ص ٨٩ مسألة رقم ١٢١٣ الطبعة السابقة.
(٤) الآية رقم ١٨٨ من سورة البقرة.