للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى رواية ابن مسعود رضى الله عنه قال:

وعن الشرب فى الدباء والحنتم والنقير (١) ..

والمزفت فاشربوا فى الظروف ولا تشربوا مسكرا. وهذا اللفظ‍ رواه أبو بردة بن نيار

ففى الحديث ما يفيد أن النهى عن الشرب فى الأوانى قد كان فى الابتداء حيث نهاهم عن الشرب فى هذه الأوانى تحقيقا للزجر عن العادة المألوفة، ولهذا أمر بكسر الدنان وشق الروايا فلما تم انزجارهم عن ذلك أذن لهم فى الشرب فى الأوانى وبين لهم أن المحرم شرب المسكر وأن الظرف لا يحل شيئا ولا يحرمه (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى المدونة: قلت: أرأيت الظروف هل كان مالك يكره أن ينبذ فى شئ منها؟ قال:

سألت مالكا عنها فقال: الذى ثبت عندنا والذى آخذ به أن الدباء والمزفت لا يصح النبيذ فيهما ولا ينبذ فيهما.

وقد كره مالك المزفت من كل شئ الا الزقاق المزفتة والفخار المزفت، وكل ظرف كان مزفتا فانه كان يكرهه.

قال مالك ثبت عندنا أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء فى المجموع: مذهبنا أنه يجوز الشرب فى جميع الأوعية من الخزف والخشب والبلور والدباء والمزفت والنحاس وغيرها.

وأما الأحاديث المشهورة فى الصحيحين عن ابن عباس وغيره رضى الله عنهم أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ فى الدباء والحنتم والنقير والمزفت والمقير (٤)

فهى منسوخة بحديث بريدة (٥).

وجاء فى موضع آخر: يجوز امساك ظروف الخمر والانتفاع بها واستعمالها فى كل شئ اذا غسلت وغسلها ممكن، وبه قال الجمهور.

خلافا لمن قال بوجوب كسرها وشق زقاقها، لأنها مال وقد نهينا عن اضاعة المال، ولأن الأصل أن لا وجوب ولم يثبت شئ يدل على الوجوب.

وأما حديث أنس .. الذى قال فيه أبو طلحة قم يا أنس الى هذه الجرار فاكسرها فقمت فكسرتها، فليس فيه دليل وجوب الكسر،


(١) النقير - الخشبة المنقورة.
(٢) المبسوط‍ لشمس الدين السرخس ج‍ ٢٤ ص ١٠، ص ١١ الطبعة السابقة.
(٣) المدونة الكبرى للامام مالك على رواية سحنون ج‍ ١٦ ص ٦٣ الطبعة السابقة.
(٤) المقير - المطلى بالقار.
(٥) المجموع شرح المهذب للنووى ج‍ ١ ص ٥٦٦ الطبعة السابقة.