جاء فى بدائع الصنائع أن الاستمتاع الذى يوجب الغسل هو ايلاج الفرج فى الفرج فى السبيل المعتاد سواء أنزل أم لم ينزل لما روى أن الصحابة رضى الله تعالى عنهم لما اختلفوا فى وجوب الغسل بالتقاء الختانين بعد النبى صلى الله عليه وسلم، وكان المهاجرون يوجبون الغسل والانصار لا يوجبونه بعثوا أبا موسى الاشعرى الى عائشة رضى الله تعالى عنها فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل، فعلت أنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم واغتسلنا. فقد روت قولا وفعلا.
وروى عن على رضى الله تعالى عنه أنه قال فى الاكسال: يوجب الحد أفلا يوجب صاعا من ماء. ولأن ادخال الفرج فى الفرج المعتاد من الانسان سبب لنزول المنى عادة فيقام مقامه احتياطا.
وكذا الايلاج فى السبيل الآخر حكمه حكم الايلاج فى السبيل المعتاد فى وجوب الغسل بدون الانزال: أما على أصل أبى يوسف ومحمد فظاهر لأنه يوجب الحد أفلا يوجب صاعا من ماء.
وأما على أصل أبى حنيفة فانما لم يوجب الحد احتياطا والاحتياط فى وجوب الغسل، ولأن الايلاج فيه سبب لنزول المنى عادة مثل الايلاج فى السبيل المعتاد، والسبب يقوم مقام المسبب خصوصا فى موضع الاحتياط، ولا غسل فيما دون الفرج بدون الانزال (١).
وذكر الكاسانى أن الاستمتاع بالمباشرة الفاحشة من نواقض الوضوء بأن يباشر الرجل المرأة بشهوة وينتشر لها، وليس بينهما ثوب، ولم ير بللا.
فعند أبى حنيفة وأبى يوسف يكون حدثا استحسانا، وذلك لما روى أن أبا اليسر بائع العسل سأل النبى صلّى الله عليه وسلم فقال: انى أصبت من امرأتى كل شئ الا الجماع فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: توضأ وصل ركعتين، ولأن المباشرة على الصفة التى ذكرنا لا تخلو عن خروج المذى عادة، الا أنه يحتمل أنه جف لحرارة البدن فلم يقف عليه أو غفل عن نفسه لغلبة الشبق فكانت سببا مفضيا الى الخروج، واقامة السبب مقام المسبب طريقة معهودة فى الشريعة خصوصا فى أمر يحتاط فيه كما يقام المس مقام الوط ء فى حق ثبوت حرمة المصاهرة، بل يقام نفس النكاح مقامه، ويقام نوم المضطجع مقام الحدث ونحو ذلك كذا هنا،
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ٣٦، ص ٣٧ الطبعة المتقدمة.