للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان كان لا يمأن الشهوة لا ينظر الى وجهها الا لحاجة كقاض وشاهد، وكذا مريد نكاحها ولو عن شهوة، بنية السنة لا قضاء الشهوة، وطبيب فى مداواتها ينظر الى موضع مرضها بقدر الضرورة، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من نظر الى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب فى عينه الآنك (أى الرصاص المذاب) يوم القيامة».

فاذا خاف الشهوة لم ينظر من غير حاجة تحرزا عن المحرم.

كذلك لا يحل له أن يمس وجهها ولا كفيها وان كان يأمن الشهوة لقيام المحرم وانعدام الضرورة، ومس الأجنبية يحرم لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من مس كف امرأة ليس منها بسبيل وضع على كفه جمرة يوم القيامة». وهذا اذا كانت شابة تشتهى، أما اذا كانت عجوزا لا تشتهى فلا بأس بمصافحتها ومس يدها لانعدام خوف الفتنة (١) (انظر: مس).

والمرأة تنظر من الرجل الأجنبى ما ينظره الرجل الى محارمه ان أمنت شهوتها، فلو لم تأمن أو خافت أو شكت حرم (٢).

وينظر الرجل من ذوات محارمه الى الوجه والرأس والصدر والعضدين، ولا ينظر الى ظهرها وبطنها وفخذها (٣)، والأصل قول الله تعالى: «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ} (٤)»

والخصى فى النظر الى الأجنبية كالفحل، لقول عائشة رضى الله عنها: الخصاء مثلة فلا يبيح ما كان حراما قبله، ولأنه فحل يجامع، وكذا المجبوب، وكذا المخنث، ولا يجوز للمملوك أن ينظر من سيدته الا الى ما يجوز للأجنبى النظر اليه منها (٥).

[الخلوة بالأجنبية]

قالوا: تحرم الخلوة بالأجنبية وان كان معها غيرها من النساء (٦).

وقال فى رد المحتار وفى الأشباه: الخلوة بالأجنبية حرام الا لملازمة مديونة هربت ودخلت خربة أو كانت عجوزا شوهاء أو بحائل، كأن سكن رجل فى بيت من دار وامرأة فى بيت آخر منها ولكل واحد غلق على حدة لكن باب الدار واحد فلا يكره ما لم يجمعهما بيت (٧).

[مذهب المالكية]

قالوا: لا يجوز النظر للأجنبى من المرأة الا الى الوجه والكفين ويحرم النظر الى ما عداهما، أما النظر اليهما فجائز لا فرق بين ظاهرهما وباطنهما بغير قصد لذة ولا وجدانها والا حرم.

وهل يجب عليها ستر وجهها ويديها وهو الذي لابن مرزوق قائلا انه مشهور المذهب أو لا يجب عليها ذلك، وانما على الرجل


(١) المرجع السابق ج‍ ٨ ص ٩٧، ٩٨.
(٢) حاشية ابن عابدين على رد المحتار ج‍ ٥ ص ٣٢٥، ٣٢٦، الطبعة السابقة.
(٣) فتح القدير ج‍ ٨ ص ١٠٣، ص ١٠٥.
(٤) سورة النور: ٣١.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٨ ص ١٠٧، ١٠٨.
(٦) نتائج الأفكار تكملة فتح القدير مع هامش شرح العناية على الهداية ج‍ ٢ ص ١٢٢ الطبعة الأولى.
(٧) رد المحتار على الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ج‍ ٥ ص ٣٢٣، ٣٢٤.