للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عينا من المستعار كاعارة شجرة لأخذ ثمرها، وشاة لأخذ لبنها، وبئر لأخذ ماء، ودواة للكتابة منها، ومكحلة للاكتحال منها، اذ الشرط‍ فى الاعارة أن لا يكون فيها استهلاك المستعار لا أن لا يكون المقصود فيها استفاء عين.

وحقق ذلك الاشمونى فقال: ان اللبن والتمر والماء ليس مستفادا بالاعارة بل بالاباحة التى تتضمن اعارة أصلها توصلا لما أبيح.

ولو أعاره شاة وملكه لبنها أو نسلها لم تصح الاعارة ولا التمليك، ولا يضمن آخذها اللبن والنسل. لأنه أخذهما بهبة فاسدة.

أما الشاة فيضمنها بحكم الاعارة الفاسدة (١).

[مذهب الحنابلة]

تصح اعارة الدراهم واعارة الدنانير للوزن بها أو ليعاير عليها.

فان استعارها لينفقها أو أطلق كانت قرضا يملكه بالقبض، لأن هذا معنى القرض وهو مغلب على اللفظ‍ فانعقد القرض به كما لو صرح بذلك.

وقيل: لا يجوز اعارة الدراهم والدنانير ولو كان للوزن بها. وليس للمستعير أن يشترى بها شيئا. وكذلك لا تصح اعارة كل ما لا ينتفع به الا مع تلف عينه كسائر الموزونات والمكيلات ان استعارها ليأكلها أو أطلق. وتكون قرضا. وكذا الاطعمة والاشربة، لكن ان أعطاها بلفظ‍ الاعارة.

فقال ابن عقيل: يحتمل أن يكون ذلك اباحة الانتفاع على وجه الاتلاف (٢).

[مذهب الزيدية]

ان لم يمكن الانتفاع بالمستعار الا باتلافه كالطعام والدراهم والدنانير واستعاره فقرض غالبا، يعنى تنقلب اعارته قرضا صحيحا مع علم المالك أن المستعير يريد اتلافه.

فان لم يعلم المالك ذلك وأتلفه المستعير كان غصبا.

أما اعارة الدراهم والدنانير وسائر ذوات الامثال اذا استعيرت للانتفاع بها مع بقاء عينها كالوزن أو التجمل بها فانها تكون اعارة صحيحة. وقولهم: «قرض غالبا» احتراز من اعارة ما لا يمكن الانتفاع به الا بنقصه كالدواة والمكحلة والسراج. فاعارة هذه الاشياء صحيحة وتكون اباحة ولو أدى الى استهلاك جميعها كالشمعة.

ولو أستعير المستعار لينتفع المستعير بعين من نمائه كاعارة الشاة للصوف واللبن والشجر للثمر لم يكن ذلك اعارة ولا قرضا بل يكون من با العمرى والرقبى (٣).


(١) اسنى المطالب ج ٢ ص ٣٢٥ - ٣٢٦، نهاية المحتاج ج ٥ ص ١٢٠، تحفة المحتاج ج ٢ ص ٣٢٧ - ٣٢٨، حاشية القليوبى على شرح المحلى ج ٣ ص ١٨
(٢) كشاف القناع وشرح المنته بهامشه ج ٢ ص ٣١٥ - ٣١٦، ٣٣١ - ٣٣٢، المغنى والشرح الكبير ج ٥ ص ٣٥٦، ٣٥٩
(٣) التاج المذهب ج ٣ ص ٢٥٤ - ٢٥٥، شرح الازهار ج ٣ ص ٤٢٧ - ٤٢٨