للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"بقم" متضمنا وجود قول آخر في النفس يعبر عنه "بلا تقعد" ويكون القول المعبر عنه بقم متضمنا للقول الثاني ومقارنه حتى لا يوجد منفردا عنه ويجرى مجرى الجوهر والعرض من حيث إنه لا يمكن انفصالهما.

والإمام والغزالى ومن وافقهما يقولان: لا أيضا إلا أنهم يوحدون المتعلِّق والمتعلق به هذا وذهب الغزالى أيضا ووافقه أبو نصر القشيرى إلى أن غيرية أحدهما للآخر إنما هي في غير كلام الله تعالى فقال: طلب القيام هل هو بعينه طلب ترك القعود؟ وهذا لا يمكن فرضه في حق الله تعالى فإن كلامه واحد وهو أمر ونهى ووعد ووعيد فلا تتطرق الغيرية إليه فليفرض في المخلوق وهو أن طلبه للحركة هل هو بعينه كراهة السكون وطلب لتركه.

وأجيب بأنه لا شك في أنه في ذاته واحد ولكنه متعدد باعتبار المتعلقات وكلامنا في الغيرية بهذا المعنى.

وذيلا ذلك بقولهما: (١)

وفائدة الخلاف في كون الأمر بالشئ نهيا عن ضده أو يستلزمه أو لا تظهر إذا ترك المأمور به وفعل ضده الذي لم يقصد بنهى من حيث استحقاق العقاب بترك المأمور يه فقط كما هو لازم القول بأنه ليس نهيا عن ضده ولا يستلزمه أو استحقاق العقاب بترك المأمور به وبفعل الضد حيث عصى أمرا ونهيا كما هو لازم القول بأنه نهى عن ضده أو يستلزمه. كما تظهر فائدة الخلاف في كون النهى عن الشئ أمرا بضده على هذا النحو.

ثم سار في الاستدلال والرد إلى ما لا يخرج عن كلام الآمدى السابق في جملته وانتهى إلى القول (٢) بأن الأوجه أن الأمر بالشئ مستلزم للنهى عن تركه غير مقصود استلزاما بالمعنى الأعم فيه وإن الأمر بالشئ نهي عن الضد المفوت لخطوره كذلك على معنى أن تعقل مفهوم الضد المفوت وتعقل معنى طلب الترك حكم به فيه وبلزومه له؛ فإن العقاب بفعل الضد لتفويته المأمور به لا مطلقا فأما ضد بخصوصه إذا كان للمأمور به ضد غيره فليس لازما عادة وذلك للقطع بعدم خطور الأكل "مثلا" من تصور الصلاة في العادة.

[ثالثا: الظاهرية]

قال ابن حزم: (٣)

الأمر نهى عن فعل كل ما خالف الفعل المأمور به وعن كل ضد له خاص أو عام فإنك إذا أمرته بالقيام فقد نهيته عن القعود والاضطجاع والاتكاء والانحناء والسجود وعن كل هيئة حاشا القيام بخلاف النهى عنده.

وإنما كان هكذا لأن ترك أفعال كثيرة مختلفة في وقت واحد واجب موجود ضرورة لأن من قام


(١) المصدر السابق ص ٢٢٣
(٢) المصدر السابق ٣٢٤
(٣) الإحكام لابن حزم حـ ٣ ص ٦٨