للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاجارة فيها تعتبر دينا فى تركته للمستأجر فتؤدى اليه ويكون المستأجر بالنسبة اليها مقدما على غرمائه الآخرين فى الاستيفاء من ثمن العين المستأجرة اذا بيعت فى الدين ولذا يكون له حبسها لديه حتى يستوفى ما عجله فان لم يوف ثمنها بالأجرة كان المستأجر فيما بقى منها كسائر الغرماء (١).

[مذهب المالكية]

وذهب المالكية: الى أن الاجارة تنفسخ بتلف ما تستوفى منه المنفعة كموت الدابة المعينة وانهدام الدار المستأجرة وموت الأجير خاصا أو مشتركا لا بتلف ما تستوفى به المنفعة وما عقد من أجله العقد فلا تنفسخ بموت المستأجر وانما يحل ورثته محله اذا أرادوا بذلك بشرط‍ أن يلتزموا للمؤجر بما بقى له من أجرة فيجب ذلك فى أموالهم وعندئذ يقومون مقام مورثهم فيما بقى له من المنافع اذا رضى المؤجر بذمتهم فان لم يرض كان له حينئذ أن يفسخ العقد وان أبى الورثة عند وفاة المستأجر أن يلتزموا له بالأجرة وأن يقوموا مقام مورثهم أجرت العين المستأجرة فى المدة الباقية وأعطيت أجرتها للمؤجر حتى يستوفى ما بقى له من أجرة فان بقى له بعد ذلك شئ استوفاه من تركة المستأجر وان فضل منها شئ ضم اليها (٢) كما يرون أن وفاة المؤجر لا تأثير لها فى عقد الاجارة بل يحل ورثته محله فى وراثة ماله من الأجرة وفى الزامهم بالعقد.

[مذهب الشافعية والحنابلة]

وذهب الشافعية والحنابلة الى أن عقد الاجارة لا ينفسخ بوفاة المستأجر لأنه قد تملك به من المنافع ما يورثه ورثته عند الوفاة فيقوم ورثته مقامه بعد وفاته فى استيفاء ما ورثوه عنه من المنافع واذا لم يكن قد عجل الأجرة فانها تكون دينا فى تركته تؤدى الى المؤجر كما تؤدى غيرها من الديون ومرد ذلك الى أن المنافع عندهم أموال تعد موجودة حكما حين العقد عليها وكذلك لا تنفسخ عندهم بوفاة المؤجر بل يبقى التزامه فى تركته ولا يلزم به ورثته بأشخاصهم فى أموالهم الخاصة بهم التى لم يرثوها عن المؤجر وانما يستمر تنفيذه فى ماله ويرتبون على ذلك أن المستأجر قد ملك جميع هذه المنافع بالعقد وأن العين المستأجرة قد انتقلت بالوفاة الى ورثة المؤجر مسلوبة تلك المنافع لأنها ملكت لغيرهم بعقد الاجارة السابق فيجب عليهم تبعا لذلك أن يسلموا العين الى المستأجر ليستوفى منها منافعه التى تملكها ويجب عليهم ألا يتعرضوا له فيها اذا ما تسلمها حتى يستوفى منها كل ما ملك وهذا اذا كانت العين معينة فى العقد أما اذا لم تكن قد عينت وكانت المنفعة المعقود عليها دينا فى ذمة المؤجر فان الواجب حينئذ أن يستأجر من تركة المؤجر من يقوم بأداء تلك المنفعة المعقود عليها فان لم تكن له تركة خيرت الورثة فان شاءوا وفوا بالمنفعة فاستحقوا بذلك الأجر على المستأجر والا فسخت الاجارة وكذلك الحال بالنسبة لوفاة الأجير اذا كان العقد قد تم على مجرد العمل وتنفيذه بواسطته أو بواسطة غيره ممن يكلفه


(١) الفتاوى الهندية ج‍ ٤ ص ٤٦٣ والدر المختار وابن عابدين عليه ج‍ ٥ ص ٥٧ وما بعدها.
(٢) العقد المنظم للاحكام ج‍ ١ ص ١٧٩ وما بعدها.