للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الظاهرية]

ان أعسر الشخص بنفقة مماليكه من العبيد والاماء فانه يجبر على بيع العبد والأمة ان لم يكن بأيديهما عمل يكون له أجرة تكفى نفقته، فان كان فانه يؤاجر حينئذ ولا يباع.

ولا تعتق أم الولد لاعسار سيدها بنفقتها بل تكلف بالانفاق على نفسها من مالها ان كان لها مال، فان كانت معسرة لا مال لها فنفقتها فى حقها من سهم الفقراء والمساكين من الزكاة والصدقات بنص القرآن لأنها حينئذ من جملتهم وليست مالا حتى تباع (١).

وكذلك يجبر الشخص على بيع حيوانه ان اعسر بنفقته التى لا معاش له الا بها وأبى بيعه أو تسريحه للرعى ان كان يعيش من المرعى.

وكذلك يجبر على سقى نخله وزرعه ونحوه ان كان فى ترك سقيه هلاكه لقوله تعالى:

«وَإِذا تَوَلّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ» (٢).

فمنع الحيوان ما لا معاش له الا به من علف أو رعى وترك سقى شجر الثمر والزرع حتى يهلكا هو بنص القرآن افساد فى الأرض واهلاك للحرث والنسل، وقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن اضاعة المال.

واذا أعسر الرجل بحيث لم يكن له غنى عن زرع أرضه فكذلك يجبر على زرعها ان قدر على ذلك أو على اعطائها لغيره بجزء مما يخرج منها ولا يترك هكذا حتى يبقى عالة على المسلمين باضاعته لماله ومعصيته لله عز وجل بذلك (٣).

[مذهب الزيدية]

ان أعسر السيد بنفقة عبده الخادم له أجبره القاضى على تخليته ليتكسب لنفقة نفسه ان كان قادرا على الكسب، فان لم يكن العبد قادرا على التكسب كلفه القاضى ازالة ملكه عنه بعتق أو بيع أو نحوهما، فان امتنع السيد من ذلك باعه القاضى عليه أو استدان له على سيده أو أنفق عليه من بيت المال ان كان وأمكن ذلك، ويكون ذلك دينا على سيده المعسر، أو مواساة لا يرجع به عليه ان أيسر بحسب ما يراه، وليس للقاضى ان امتنع السيد من ازالة ملك عنه أن يعتقه، وكذلك ان أعسر الشخص بعلف حيوانه أو امتنع منه أجبره القاضى على بيعه ان لم يكن هناك مرعى فان كان أجبره القاضى على اطلاقه فيه.

أما ان أعسر أو امتنع من الانفاق على شجره أو بنيانه ونحوه لاصلاحه فلا يجبر على ذلك اجماعا ويندب أمره بذلك، للنهى عن اضاعة المال (٤).


(١) المحلى ج ١٠ ص ٩٨، ٩٩ رقم ١٩٣١
(٢) سورة البقرة آية رقم ٢٠٥
(٣) المحلى ج ١٠ ص ٩٩ - ١٠٠ رقم ١٩٣٢
(٤) شرح الأزهار ج ٢ ص ٥٥٣، ٥٥٥، التاج المذهب ج ٢ ص ٢٩٤، ٢٩٧، البحر الزخار ج ٣ ص ٢٨٣ - ٢٨٤