للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل يجوز كل ملة شرك على ملة شرك أخرى، وجوزت من أهل ملة على أهل ملة دونها لا فوقها.

ومن قال: الشرك كله ملة واحدة أجاز شهادة كل ملة على أخرى.

[الشهادة على النفى]

[مذهب الحنفية]

الأصل عند الحنفية أن الشهادة على النفى لا تقبل، ولكنهم قالوا: إذا توافرت شروط‍ التواتر فى الشهادة على النفى تقبل، كما إذا ادعى شخص على آخر أنه اعتدى عليه بالضرب أو بالقذف فى يوم كذا فى مكان كذا، وحدده. فأقام المدعى عليه بينة على أنه لم يكن فى ذلك اليوم فى ذلك المكان بل كان فى مكان كذا، وتواتر بين الناس أنه كان حقيقة فى المكان المذكور فى اليوم المذكور، وكذلك إذا كان النفى شرطا لثبوت أمر وجودى مترتب عليه، كقول الشخص إن لم أدخل الدار اليوم فامرأتى طالق أو عبدى حر، فبرهنت المرأة أو العبد على أنه لم يدخل الدار في هذا اليوم تقبل، لأن الغرض من إثبات الشرط‍ فى الواقع إثبات الجزاء وهو الطلاق أو العتق، وكذلك إذا كان النفى يحيط‍ به علم الشاهد، كما إذا قال الزوج للمرأة: بلغك النكاح؟ فسكتت، وقالت رددت، فأقام بينة على سكوتها، تقبل.

لأن السكوت فى مجلس محدد الطرفين مما يحيط‍ به الشاهد القائم علي المجلس وكذلك لو كان النفى ضمن إثبات، كما إذا اختلفا فى أن المرضع أرضعت الصغير بلبن شاة أو بلبن نفسها، فشهدت البينة بأنها أرضعته بلبن شاة لا بلبن نفسها تقبل، لأن النفى هنا داخل ضمن الإثبات فإن قولهما أرضعته بلبن شاه يتضمن أنها لم ترضعه بلبن نفسها، وقولهما بعد ذلك: لا بلبن نفسها تصريح بالنفى الذى تضمنه الإثبات، وكشهادة الشاهدين بانحصار إرث المتوفى فى أولاده زيد وعمرو وخالد، ولا وارث له سواهم.

جاء فى فروع الدر من باب القبول وعدمه فى الشهادات: «شهادة النفى المتواتر مقبولة».

وفى تعليق ابن عابدين فى الحاشية على ذلك: «وذكر فى الهامش فى النوادر عن الثانى، شهدا عليه بقول أو فعل يلزم عليه بذلك إجارة أو بيع أو كتابة أو طلاق أو عتاق أو قتل أو قصاص فى مكان أو زمان وصفاه، فبرهن المشهود عليه أنه لم يكن ثمة يومئذ، لا تقبل.

لكن قال فى المحيط‍ فى الحادى والخمسين: إن تواتر عند الناس، وعلم الكل عدم كونه فى ذلك المكان والزمان فلا تسمع الدعوى ويقضى بفراغ الذمة لأنه يلزم تكذيب الثابت بالضرورة، والضروريات مما لا يدخله الشك عندنا.

وفى هذا التعليق أيضا: «وذكر الناطفى: أمن الإمام أهل مدينة من دار الحرب فاختلطوا بمدينة أخرى وقالوا كنا جميعا فشهدا أنهم لم يكونوا وقت الأمان فى تلك المدينة يقبلان، إذا كانا من غيرهم.