للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بينكم فمن وقع السهم له فله الولد وعليه لكل من صاحبيه ثلث الدية، وعجب من ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يصح أنه أنكره، وهذا دليل على أن القرعة مشروعة عندهم كطريق لقطع النزاع وأنها تجرى فيما ذكر كله (١).

[الفراسة]

[تعريف الفراسة]

الفراسة: هى النظر الفاحص المثبت الناشئ عن جودة القريحة وحدة النظر وصفاء الفكر.

قال ابن القيم الحنبلى فى الطرق الحكمية (٢): ولم يزل حذاق الحكام والولاة يستخرجون الحقوق بالفراسة والأمارات، فإذا ظهرت لم يقدموا عليها شهادة تخالفها ولا إقرارا.

وقد صرح الفقهاء كلهم بأن الحاكم اذا ارتاب بالشهود فرقهم وسألهم: كيف تحملوا الشهادة وأين تحملوها. وذلك واجب عليه، متي عدل عنه أثم وجار فى الحكم.

وكذلك إذا ارتاب بالدعوى سأل المدعى عن سبب الحق وأين كان ونظر فى الحال، هل يقتضى صحة ذلك.

وكذلك إذا ارتاب بمن القول قوله والمدعى عليه، وجب عليه أن يستكشف الحال ويسأل عن القرائن التي تدل على صورة الحال.

وقل حاكم أو وال اعتنى بذلك وصار له فيه ملكة إلا وعرف المحق من المبطل وأوصل الحقوق إلى أهلها.

ثم ذكر فراسة عمر بن الخطاب وقضائه بها فى بعض المسائل، وفراسة على بن أبى طالب كذلك وفراسة بعض القضاة السابقين كشريح وإياس بن معاوية وأبى حازم وغيرهم.

وذكر شواهد من فراسة بعض الحكام والأمراء وما كان لها من أثر فى كشف الحقيقة والوصول إلى الحق، وأن هؤلاء الخلفاء والقضاة والحكام والأمراء كانوا يبنون الأحكام فى كثير من المسائل على الفراسة، وهو يرى أن الفراسة طريق من طرق القضاء والحكم.

[مذهب المالكية]

وفى مذهب المالكية: النص الصريح على عدم جواز القضاء بها، وأن القضاء بها من باب الظن والتخمين، وذلك فسق وجور (٣).

ونقل القرطبى فى تفسيره عن القاضى أبى بكر بن العربى أنه قال: الفراسة لا يترتب عليها حكم، فإن مدارك الأحكام معلومة شرعا، مدركة قطعا وليست الفراسة منها.

وقال صاحب التبصرة: والحكم بالفراسة مثل الحكم بالظن والحزر والتخمين وذلك فسق وجور من الحاكم، والظن يخطئ ويصيب.


(١) شرح النيل باب قسمة القرعة.
(٢) ص ٢٨ وما بعدها.
(٣) التبصرة ابن فرحون المالكى ج‍ ٢ ص ١٠٦ وما بعدها.