للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن القاسم رحمه الله تعالى فى كتاب الشركة من المدونة فى الذى يحجر على وكيله فيقبض من غرمائه بعد عزله وهم لا يعلمون بذلك أنهم لا يبرعون بالدفع اليه وان لم يعلم هو بعزله فاذا لم يبرأ الغرماء بالدفع اليه فكذلك لا يبرأ هو ويكون للغرماء أن يرجعوا عليه وان تلف المال بيده لأنه أخطأ على مال غيره فهذا يبين أن الوكالة تنفسخ فى حقه وحق من عامله أو دفع اليه بنفس العزل أو الموت وقيل أنه لا يكون معزولا فى حق أحد الا بوصول العلم اليه فيكون معزولا فى حقه بوصول العلم اليه وفى حق من بايعه أو دفع بوصول العلم اليه.

وهذا قول مالك رحمه الله تعالى وعليه لو علم الوكيل بموت موكله فباع ولم يعلم المشترى بذلك فتلفت السلعة المبيعة عنده لكان الوكيل ضامنا لقيمتها لانفساخ الوكالة فى حقه لعلمه بموته وتعديه فيما لا تصرف فيه ولم يكن على المشترى أن يرد الغلة اذا أخذت منه السلعة ولم لم يعلم الوكيل بموته وعلم المشترى لكان عليه أن يرد الغلة اذا أخذت منه السلعة لتعديه بابتياع ما قد انفسخت الوكالة فيه فى حقه (١).

[مذهب الشافعية]

جاء فى مغنى المحتاج أن الوكالة جائزة من الجانبين أى من جانب الموكل لأنه قد يرى المصلحة فى ترك ما وكل فيه أو فى توكيل آخر ومن جانب الوكيل لأنه قد لا يتفرغ فيكون اللزوم مضرا بهما هذا اذا عزل الموكل الموكل اليه فى حضوره أى أتى بلفظ‍ العزل خاصة أو قال فى حضوره رفعت الوكالة أو أبطلتها أو أزلتها أو فسختها أو نقضتها أو صرفتها أو أخرجتك منها انعزل منها لدلالة كل من الألفاظ‍ المذكورة فان عزله وهو غائب انعزل فى الحال لأنه رفع عقد لا يعتبر فيه الرضا فلا يحتاج الى العلم كالطلاق وقياسا على ما لو وكل أحدهما والآخر غائب وفى قول لا ينعزل حتى يبلغه الخبر ممن تقبل روايته كالقاضى وفرق الأول بتعلق المصالح الكلية بالقاضى فيعظم الضرر بنقض الأحكام وفساد الأنكحة وغير ذلك بخلاف الوكيل.

قال الاسنوى ومقتضاه أن الحاكم فى واقعة خاصة حكمه حكم الوكيل.

قال ابن شهبة ومقتضاه أيضا أن الوكيل العام كوكيل السلطان لا ينعزل قبل بلوغ الخبر لعموم نظره كالقاضى ولم يذكره وربما يلتزم ذلك ولا يصدق موكله بعد التصرف فى قوله كنت عزلته الا ببينة فينبغى له أن يشهد على عزله ولو تلف المال فى يده بعد عزله لم يضمنه ولو باعه جاهلا بعزله فالبيع باطل فان أسلمه للمشترى ضمنه الوكيل اذا قتل بعد العفو تلزمه الدية والكفارة خلافا لما بحثه الرويانى من عدم الضمان.

ولو عزل المودع الوديع وهو غائب لم ينعزل حتى يبلغه الخبر وفرق بينه وبين الوكيل بأن الوديع أمين والوكيل يتصرف والعزل يمنع صحة التصرف ولذلك قلنا الوكيل باق على أمانته بعد عزله كما مر (٢).

قال الرافعى ولو عزل أحد وكيليه مبهما لم يتصرف واحد منهما حتى يميز للشك فى أهليته ولو قال الوكيل عزلت نفسى أو رددت الوكالة أو فسختها أو خرجت منها أو نحو ذلك كأبطلتها انعزل لدلالة ذلك عليه وان كانت صيغة الموكل صيغة أمر.


(١) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢١٤ وص ٢١٥
(٢) مغنى المحتاج الى معرفة معانى ألفاظ‍ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب على هامش متن المنهاج للنووى الجزء الثانى صفحة ٢١٥