للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستنبط‍ البلقينى من التعليل السابق أن محل عدم العمل بالثانى اذا لم يستعمل بعد الأول ماء طهورا بيقين أو باجتهاد غير ذلك الاجتهاد لانتفاء التعليل حينئذ الذى ذكروه فى هذا التصوير.

قال: ولم أر من تعرض له قلت وهو واضح وقد أفتى به الوالد رحمه الله تعالى.

وعلم مما تقدم وجوب اعادة الاجتهاد لكل صلاة يريد فعلها.

نعم ان كان ذاكرا لدليله الأول لم يعده.

بخلاف الثوب المظنون طهارته بالاجتهاد فان بقاءه بحاله بمنزلة بقاء الشخص متطهرا فيصلى فيه ما شاء حيث لم يتغير ظنه سواء أكان يستتر بجميعه أم يمكنه الاستتار ببعضه لكبره فقطع منه قطعة واستتر بها وصلى ثم احتاج الى الستر لتلف ما استتر به فلا يحتاج الى اعادة الاجتهاد كما اقتضاه كلام المجموع، وهو المعتمد خلافا لبعض المتأخرين.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع (١): أن من خرج الى مزارع ومحتطبات بلده لحرث، أو صيد، أو احتطاب ونحوها كأخذ حشيش، وكما لو خرج لحصاد أو دياس ونحوه حمل الماء معه وجوبا ان أمكنه حمله، لأنه لا عذر اذن فى عدم حمله والواجب لا يتم الا به.

فان لم يمكنه حمله، ولا الرجوع الى محل الماء للوضوء أو نحوه الا بتفويت حاجته تيمم، لأنه عادم الماء، وصلى، ولا يعيد،

وكذا لو حمله وفقد، أو لم يحمله لغير عذر، كما لو كانت حاجته فى أرض قرية أخرى غير بلده ولو كانت قريبا. لأنه لا فرق بين بعيد السفر وقريبه، لعموم قول الله تبارك وتعالى: «أَوْ عَلى سَفَرٍ» (٢).

ولو مر بماء قبل الوقت أو كان معه الماء فأراقه قبل الوقت ثم دخل الوقت وعدم الماء فلا اثم عليه، لعدم تفريطه، لأنه ليس مخاطبا بالطهارة قبل دخول وقت الصلاة وصلى بالتيمم، لأنه عادم الماء، ولا اعادة عليه، لأنه أتى بما هو مكلف به.

ولو مر بالماء فى الوقت وأمكنه الوضوء ولم يتوضأ ويعلم أنه لا يجد غيره أو كان معه فأراقه فى الوقت حرم، لأنه وسيلة الى فوات الطهارة بالماء الواجبة، أو باعه فيه أو وهبه فيه حرم عليه ذلك ولم يصح البيع ولا الهبة، أو وهب له فلم يقبل حرم أيضا.

وان تيمم وصلى فى الجميع صح تيممه ولم يعد الصلاة لأنها صلاة بتيمم صحيح.

وهذا كله اذا كان الماء قد عدم.


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع للعلامة الشيخ منصور بن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منته الارادات للشيخ منصور بن يوسف البهوتى ج ١ ص ١٢٤، ص ١٢٥ طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٩ هـ‍ الطبعه الاولى والاقتاع فى فقه أحمد بن حنبل للشيخ شرف الدين موسى الحجاوى ج ١ ص ٥٣ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٦ من سورة المائدة.