للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاهرة، وقال فى المهذب (١): ولا يطهر شئ من النجاسات بالاستحالة الا شيئان أحدهما جلد الميتة اذا دبغ والثانى الخمر ثم قال صاحب المهذب: وان أحرق العذرة أو السرجين حتى صار رمادا لم تطهر لان نجاستهما لعينهما وتخالف الخمر فان نجاستها لمعنى معقول وقد زال ذلك، وأما دخان النجاسة اذا أحرقت ففيه وجهان:

أحدهما أنه نجس لأنه أجزاء متحللة عن النجاسة فهو كالرماد، والثانى أنه ليس بنجس لانه بخار نجاسة فهو كالبخار الذى يخرج من الجوف ثم قال: وان طبخ اللبن (٢) (الطوب النئ) الذى خلط‍ بطينة السرجين لم يطهر لأن النار لا تطهر النجاسة وقال أبو الحسن بن المرزبان اذا غسل طهر ظاهره فتجوز الصلاة عليه، وفى نهاية المحتاج: والمستحيل فى باطن الحيوان نجس فمنه دم ولو تحلب من سمك وكبد وطحال لقول الله تعالى:

«أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» (٣) وخرج بالمسفوح الكبد والطحال، ومنه قيح لكونه دما يستحيل الى نتن وفساد وماء قرح ونفط‍ وجدرى متغير وقئ اتفاقا وهو الراجع بعد الوصول الى المعدة ولو ماء وان لم يتغير كما قاله الشيخان النووى والرافعى ثم قال: والمسك طاهر لخبر مسلم: المسك أطيب الطيب وكذا فأرته بشعرها ان انفصلت فى حال حياة الظبية أى ولو كان الانفصال فى حال الحياة محتملا فيما يظهر أو بعد ذكاتها والا فنجسان كما أفاده الشيخ فى المسك قياسا على الانفحة ثم قال: ومذى وودى وكذا منى غير الآدمى كسائر المستحيلات، أما منى الآدمى فطاهر فى الاظهر، ومقابل الاصح أنه نجس مطلقا لاستحالته فى الباطن ثم قال: لو استحالت البيضة دما وصلح للتخلق فطاهرة والا فلا، ولبن مالا يؤكل غير لبن الآدمى كلبن الاتان لكونه من المستحيلات فى الباطن قال: وليست العلقة وهى دم غليظ‍ يستحيل اليه المنى والمضغة بنجسة فى الاصح (٤).

[مذهب الحنابلة]

قال ابن قدامة فى المغنى (٥) ظاهر المذهب أنه لا يطهر شئ من النجاسات للاستحالة الا الخمر اذا انقلبت بنفسها خلا وما عداه لا يطهر كالنجاسات اذا احترقت فصارت رمادا والخنزير اذا وقع فى الملاحة وصار ملحا والدخان الصاعد من وقود النجاسة والبخار المتصاعد من الماء النجس اذا اجتمعت منه نداءة على جسم صقيل ثم قطر فهو نجس، وقال أيضا ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة قياسا على


(١) المرجع السابق ح‍ ١ ص ١٠.
(٢) المرجع السابق ح‍ ١ ص ٥٠، ٤٩.
(٣) الآية رقم ١٤٥ من سورة الانعام.
(٤) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لابن شهاب الدين الرملى وحاشية الشبراملسى عليه ح‍ ١ من ص ٢٢٢ الى ٢٣٠ طبع مطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٥) المغنى لابى محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة على مختصر ابى القاسم الخرقى. ويليه الشرح الكبير لابى عمر بن قدامة المقدسى ح‍ ١ ص ٥٩ الطبعة الاولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤١ هـ‍.