للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

لا يجوز اقتناء الكلب الا كلب الصيد أو الماشية أو الحرث لما روى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلّم أنه قال «من اتخذ كلبا الا كلب صيد أو ماشية أو زرع نقص من اجره كل يوم قيراط‍» (١).

وعن ابن عمر قال: سمعت النبى صلّى الله عليه وسلم يقول «من اقتنى كلبا الا كلب ضار لصيد أو كلب ماشية فانه ينقص من أجره كل يوم قيراطان» (٢).

وان اقتناه الانسان لحفظ‍ البيوت ونحوها لم يجز للحديث المذكور قال صاحب المغنى ابن قدامة ويحتمل الاباحة لأن حفظ‍ البيوت ونحوها فى معنى الأمور الثلاثة المذكورة فى الحديث فيقاس عليها والأول أصبح لأن قياس غير الثلاثة عليها يبيح ما يتناول الحديث تحريم اقتنائه. وليس ذلك فى معنى الأمور الثلاثة أيضا على ما قاله القاضى فقد يحتال اللص لاخراجه من البيوت بشئ يطعمه اياه ثم يسرق المتاع وأما الذئب فى الصحراء - حيث يحرس الكلب الماشية منه فلا يحتمل فى حقه أن يحتال على الكلب - لابعاده عن الماشية التى يحرسها ولان اقتناءه فى البيوت يؤذى الماره بخلاف الصحراء.

وأما اقتناء الجرو - ولد الكلب الصغير وتربيته لأحد الأمور الثلاثة وهى الصيد وحراسة الماشية والزرع فيجوز فى أقوى الوجهين لأنه قصده لذلك وهو مباح فيأخذ حكمه ولأنه لو لم يتخذ الصغير ما أمكن جعل الكلب للصيد اذ لا يصير معلما الا بالتعليم ولا يمكن تعليمه الا بتربيته واقتنائه مدة يعلمه فيها، قال الله تعالى» {وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ ٣}. ولا يوجد كلب معلم بغير تعليم.

والوجه الثانى لا يجوز لأن اقتناء الجر وليس من الأمور الثلاثة المذكورة.

ومن اقتنى كلبا لصيد ثم ترك الصيد مدة وهو يريد العود اليه لم يحرم اقتناؤه فى مدة تركه الصيد لأن ذلك لا يمكن التحرز منه.

وكذا من اقتنى كلبا لحراسة زرع لو حصد الزرع أبيح اقتناؤه حتى يزرع زرعا آخر.

وكذا لو هلكت ماشية اقتنى لحراستها كلبا أو باعها وهو يريد شراء غيرها فله امساك كلبها لينتفع به فى التى يشتريها لما سبق ذكره.

فأما ان اقتنى كلب الصيد من لا يصيد به ففيه احتمالان

أحدهما: الجواز لان النبى صلّى الله عليه (٤) وسلم استثنى كلب الصيد مطلقا.

والثانى: عدم جواز ذلك لأنه اقتناه لغير حاجة أشبة غيره من الكلاب التى لا يجوز


(١) الحديث رواه الجماعة ووافق على زيادة الزرع سفيان بن أبى زهير وعبد الله بن المغفل (انظر نيل الاوطار ح‍ ٨ ص ١٢٨).
(٢) الحديث رواه البخارى ح‍ ٣ ص ٢١٥ - ١٢٦ وضار من ضرى الكلب بالصيد ضراوة اى تعود الطبعة الاولى بالمطبعة الشرقية سنة ١٣٠٤ هـ‍.
(٣) الاية رقم ٤ من سورة المائدة
(٤) المغنى لابن قدمه وبهامشه الشرح الكبير ح‍ ٤ ص ١٤، ٣٠١ - ٣٠٢ الطبعة الثانية مطبعة المنار بالقاهرة سنة ١٣٤٧ هـ‍.