للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اقتناؤها والمراد كلب الصيد المستثنى فى الاحاديث أى كلب يصيد به فعلا.

وهكذا يجرى الاحتمالان ايضا فيمن اقتنى كلبا ليحفظ‍ له زرعا أو ماشية ان حصلت أو ليصيد به ان احتاج الى الصيد وليس له فى الحال زرع ولا ماشية يحتمل الجواز لقصده وذلك كما لو حصد الزرع وأراد أن يزرع غيره (١).

وانما يجوز اقتناء الكلب للصيد وحراسة الماشية والزرع ان لم يكن أسود بهيما - والبهيم هو الذى لا يخالط‍ لونه لون سواه فيحرم اقتناؤه وتعليمه للصيد ويجب قتله ولو كان معلما.

ودليل تحريم اقتنائه ووجوب قتله ما روى عن عبد الله بن المغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الاسود البهيم (٢) وروى مسلم فى صحيحه باسناده عن جابر قال «أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بقتل كل الكلاب حتى ان المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقال:

عليكم بالاسود البهيم ذو النقطتين فانه شيطان (٣) قال عبد الله بن الصامت سألت أبا ذر فقلت: ما بال الاسود من الاحمر والابيض؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتنى فقال: الكلب الاسود شيطان (٤) سماه الرسول شيطانا وأمر بقتله وما وجب قتله حرم اقتناؤه وتعليمه ولا يؤكل ما يصيد بواسطة الكلب الاسود البهيم ولو كان معلما لانه كلب يحرم اقتناؤه فلم يبح صيده كغيره المعلم ولأن النبى صلى الله عليه وسلم سماه شيطانا ولا يجوز اقتناء الشيطان واباحة الصيد المقتول رخصة فلا تستباح بمحرم كسائر الرخص وان كان أسود فيه نكتتان فوق عينه لم يخرج بذلك عن كونه بهيما لما سبق ذكره فى الحديث ويحرم ايضا اقتناء الكلب العقور لأذاه ويجب قتله حتى ولو كان معلما ليدفع شره عن الناس. لما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن فى الحل والحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور (٥).

وعلى قياس الكلب العقور كل ما آذى الناس وضرهم فى انفسهم وأموالهم يباح قتله لأنه يؤذى بلا نفع فأشبه الذئب.

وأما الكلب الذى يباح اقتناؤه فحرام قتله وفاعله مسئ ظالم لأنه مجل منتفع به يباح اقتناؤه فحرم اتلافة كالشاة ولا ضمان على قاتله لانه محل يحرم أخذ عوضه لخبثه فلم يجب ضمانه باتلاف كالخنزير وانما يحرم اتلافه لما فيه من الاضرار وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الضرر والاضرار (٦).


(١) رواه الخمسة وصحيحه الترمذى (انظر نبل الاوطار ح‍ ٨ ص ١٢٨ الطبعة السابقة
(٢) رواه احمد ومسلم (أنظر نيل الاوطار ح‍ ٨ ص ١٢٨ الطبعة السابقة.
(٣) رواه مسلم.
(٤) كشاف القناع السابق ح‍ ٢ ص ٩ وح‍ ٤ ص ١٣١ - ١٣٢ والمغنى السابق ح‍ ١١ - ١٢، ١٤.
(٥) سبق تخريج هذا الحديث من مذهب الشافعية.
(٦) المغنى السابق ح‍ ٤ ص ٣٠١.