للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأنه صلّى الله عليه وسلّم كلم غرماء جابر، ليضعوا عنه وقضية كعب مع ابن أبى حدرد شاهدة بذلك، فان كان بلفظ‍ الصلح لم يصح، لأنه صالح عن بعض ماله ببعض فهو هضم للحق.

وبالجملة فقد منع الخرقى وابن أبى موسى الصلح على الاقرار وأباه الأكثرون.

فعلى الأول ان وفاه من جنس حقه فهو وفاء ومن غير جنسه معاوضة وان أبرأه من بعضه فهو ابراء وان وهبه بعض العين فهو هبة ولا يسمى صلحا فالخلاف اذن فى التسمية قاله فى المغنى والشرح الكبير وأما المعنى فمتفق عليه.

وان صالح رشيد من دين مؤجل ببعضه حالا لم يصح الصلح، لأنه ببذله القدر الذى يحطه عوضا عن تعجيل ما فى ذمته أشبه ما لو أعطاه عشرة حالة بعشرين مؤجلة الا فى دين كتابة فاذا عجل المكاتب البعض وأبرأه السيد من الباقى صح، لأن الربا لا يجرى بين المكاتب وسيده فى دين الكتابة.

وان وضع أى أسقط‍ رب الدين بعض الدين الحال وأجل باقيه بأن كان له عليه مائة حالة أبرأه منها بخمسين مؤجلة صح الاسقاط‍، لأنه أسقطه عن طيب نفسه وليس فى مقابلة تأجيل فوجب أن يصح كما لو أسقطه كله دون التأجيل، لأن الحال لا يتأجل، ولأنه وعد فلا يلزم الوفاء به.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (١): اذا صح الاقرار بالصلح فان كان فى المال فلا يجوز الا بأحد وجهين لا ثالث لهما اما أن يعطيه بعض ماله عليه ويبرئه الذى له الحق من باقيه باختياره ولو شاء أن يأخذ ما أبرأه منه لفعل فهذا حسن جائز بلا خلاف وهو فعل خير، ولا يجوز فى الصلح الذى يكون فيه ابراء من البعض شرط‍ تأجيل أصلا لأنه شرط‍ ليس فى كتاب الله فهو باطل لكنه يكون حالا فى الذمة ينظره به ما شاء بلا شرط‍ لأنه فعل خير.

[مذهب الزيدية]

جاء فى التاج المذهب (٢): أما الابراء عن الدين فهو اسقاط‍ للدين والدم والحق وليس بتمليك فلا يعتبر فيه القبول وسائر ما يعتبر فى التمليك أو الحقوق والشفعة وخيار الرؤية والعيب والشرط‍.

وأما الابراء من العين المضمونة نحو أن يبرئ الغاصب من العين المغصوبة وهى باقية فهو اسقاط‍ لضمان تلك العين فتصير أمانة فان أبرأه مرة أخرى صارت اباحة الا أن يجرى عرف أنه يريد التأكيد.

قال فى شرح الحفيظ‍ «الا العين المرهونة فلا تصير أمانة لبقاء سبب الضمان وهو عقد الرهن سواء كان الابراء من العين أو من الضمان واذا كانت العين أمانة فى يد الغير


(١) المحلى ج ٨ ص ١٦٥.
(٢) التاج المذهب ج ٤ ص ١٧٥، ص ١٧٦ الطبعة السابقة.