للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفيد بالإضافة إلى مدلوله إما ألا يتطرق إليه احتمال فيسمى نصا، أو يتعارض فيه الاحتمالات من غير ترجيح فيسمى مجملا ومبهما».

ويقول الجوينى: «ولكن المجمل فى اصطلاح الأصوليين: هو المبهم، والمبهم هو الذى لا يعقل معناه، ولا يدرك منه مقصود اللافظ‍ ومبتغاه (١)».

وعلى هذا لا يكون المجمل قسما من أقسام المبهم كما يقول الأحناف، بل هو نفسه، ويكون كل مجمل عند الأحناف مجمل عند المتكلمين ولا عكس (انظر أيضا: مبهم).

[العلاقة بين المجمل والمتشابه]

[مسلك أهل الظاهر]

يظهر مما تقدم أن كلا من المجمل والمتشابه قسم من أقسام المبهم أى الخفى بالمعنى الأعم، والفرق بينهما أن المجمل يدرك المراد منه بالنقل، وأما المتشابه فلا يدرك المراد منه أصلا. فالعلاقة بينهما إذن هى التباين (٢).

مسلك المتكلمين:

يرى أكثر المتكلمين أن المتشابه هو المجمل يقول الغزالى (٣): «والمتشابه ما تعارض فيه الاحتمال، وأما المتشابه فيجوز أن يعبر به عن الأسماء المشتركة كالقرء، والذى فى قوله تعالى: «أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ»، فإنه مردد بين الزوج والولى، وكاللمس المردد بين المس والوط‍ ء، وقد يطلق على ما ورد فى صفات الله مما يوهم ظاهره الجهة والتشبيه ويحتاج إلى تأويله، فهذا تعريف للمتشابه بما يجعله والمجمل شيئا واحدا، وذلك فى الإطلاق المشهور.

ويقول إمام الحرمين فى البرهان «المختار عندنا أن المحكم كل ما علم معناه وأدرك فحواه، والمتشابه هو المجمل (٤)».

ويقول أبو إسحاق الشيرازى (٥): «وأما المتشابه فاختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: هو والمجمل واحد. ومنهم من قال:

المتشابه ما استأثر الله بعلمه ولم يطلع عليه أحدا من خلقه، والصحيح الأول، لأن حقيقة المتشابه ما أشتبه معناه، وأما ما ذكروه فلا يوصف بذلك».

أما الآمدى فقد جعل المجمل قسما من أقسام المتشابه، حيث جعل المتشابه ما تعارض فيه الاحتمال وذلك على جهتين:

إما بجهة التساوى كالألفاظ‍ المجملة، كما فى قوله تعالى: «وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ» لاحتمال القرء زمن الحيض والطهر على السوية، وإما لا على جهة التساوى كالأسماء المجازية، وما ظاهره موهم للتشبيه، وهو مفتقر إلى تأويل، كقوله تعالى: «وَيَبْقى وَجْهُ}


(١) راجع البرهان لوحة ١١٠، ١١١.
(٢) راجع التلويح على التوضيح ج‍ ١ ص ١٢٦.
(٣) المستصفى ج‍ ١ ص ١٠٦.
(٤) البرهان لإمام الحرمين لوحة ١١٢.
(٥) راجع اللمع للشيرازى ٢٩.