للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعند الظاهرية قال ابن حزم فى المحلى:

ومن كان يقرأ برواية من عد من القراء بسم الله الرحمن الرحيم آيه من القرآن لم تجزه الصلاة إلا بالبسملة. وهم عاصم بن أبى النجود وحمزة والكسائى وعبد الله بن كثير وغيرهم من الصحابه والتابعين رضى الله عنهم.

ومن كان يقرأ برواية من لا يعدها آية من أم القرآن فهو مخير بين أن يبسمل وبين إلا يبسمل وهم ابن عامر وأبو عمرو ويعقوب. وفى بعض الروايات عن نافع (١).

وعند الحنفية: قال الإمام أبو بكر الجصاص فى أحكام القرآن:

ولا خلاف بين علماء الأمة وقرائها أن البسلمة ليست بآيه تامة فى سورة النمل وإنها هناك بعض آية، وإن ابتداء الآية من قوله سبحانه «أنه من سليمان»، ومع ذلك فكونها ليست بآية تامة فى سورة النمل لا يمنع أن تكون آية تامة فى غيرها، لأنا نجد مثل ذلك فى مواضع من القرآن ألا ترى أن قول الله تعالى «الرحمن الرحيم» فى ثنايا سورة الفاتحة آية تامة، وليست بآيه تامة من قوله عز وجل «بسم الله الرحمن الرحيم» باتفاق الجميع.

وكذا قوله سبحانه «الحمد لله رب العالمين» آية تامة فى أول الفاتحة. وبعض آية فى قوله تعالى: «وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (٢)»، وإذا كان كذلك احتمل أن تكون بعض آية فى فصول السور، واحتمل أن تكون آية، فالأولى أن تكون آية تامة من القرآن من غير سورة النمل، لأن التى فى سورة النمل ليست بآية تامة باتفاق الأمة.

والدليل على أنها آية تامة حديث ابن أبى مليكة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها فى الصلاة فعدها آية. وفى لفظ‍ آخر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية فاصلة، كما رواه الهيثم بن خالد فثبت بهذا إنها آيه إذ لم تعارض هذه الأخبار أخبار غيرها فى كونها آية (٣).

وعند الإباضية: فى كتاب النيل وشفاء العليل. والبسملة آية من كل سورة على المختار (٤).

[آية البسملة فى بدء القراءة]

قال الإمام أبو بكر الجصاص: وافتتاح القراءة بالبسملة أمر ورد مصرحا به فى أول وحى قرآنى أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى: «اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» فقد أمر سبحانه فى افتتاح القراءة بالتسمية كما أمر بتقديم الاستعاذة أمام القراءة فى قوله تعالى:

«فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ} (٥)»، والبسملة وإن كانت خبرا فإنها تتضمن معنى الأمر. لأنه لما كان معلوما أنه خبر من الله عز وجل بأنه يبدأ باسم الله ففيه أمر لنا بالابتداء به والتبرك بافتتاحه لأنه سبحانه إنما أخبرنا به لنفعل مثله (٦).

آى فاتحة الكتاب سبع:

وهل تقرأ البسملة معها فى الصلاة؟

فى تفسير القرطبى: أجمعت الأمة على ان فاتحة الكتاب سبع آيات الا ما روى عن


(١) ج‍ ٢ ص ٢٥١.
(٢) سورة يونس: ١٠.
(٣) ج‍ ١ ص ١٠، ١١.
(٤) ج‍ ١ ص ٦٠.
(٥) سورة النمل: ٩٨.