العقد عليهن ويحتمل أنه أثبت له الاختيار ليمسكهن بالعقد الأول فلا يكون حجة مع الاحتمال مع أنه قد روى أن ذلك قبل تحريم الجمع فانه روى فى الخبر أن غيلان أسلم وقد كان تزوج فى الجاهلية وروى عن مكحول أنه قال: كان ذلك قبل نزول الفرائض، وتحريم الجمع ثبت بسورة النساء الكبرى وهى مدنية، وروى أن فيروز لما هاجر إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال له: ان تحتى أختين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارجع فطلق احداهما ومعلوم أن الطلاق انما يكون فى النكاح الصحيح فدل أن ذلك العقد وقع صحيحا فى الأصل فدل أنه كان قبل تحريم الجمع ولا كلام فيه (١).
[مذهب المالكية]
قال المالكية: ومن أسلم على أكثر من أربع زوجات فانه يختار أربعا منهن ان كن مجوسيات وأسلمن معه أو كتابيات وبقين على دينهن وسواء تزوجهن فى عقد واحد أو عقود بنى بهن أو ببعضهن أو لم يبن أصلا وسواء كانت الأربع المختارات هن الأواخر أولا، وان شاء اختار أقل من أربع أو لم يختر شيئا منهن وكذلك يجب على الزوج أن يختار احدى اثنتين ممن يحرم الجمع بينهما كالأختين والمرأة وعمتها أو خالتها أو بنت أخيها أو بنت أختها اذا أسلم عليهما مطلقا أى من نسب أو رضاع وسواء كانا فى عقد واحد أو عقدين وسواء دخل بهما أو باحداهما أولا، كذلك يجب على الزوج أن يختار بين أم وابنتها اذا كان لم يمسهما أى فى حال كفره وانما عقد عليهما فى الكفر عقدا واحدا أو عقدين وأسلمتا معه أو كانتا كتابيتين وأسلم عليهما فانه فى هذه الحالة يختار من شاء منهما لأن العقد الفاسد لا أثر له والا لحرمت الأم مطلقا، فان مسهما أى تلذذ بهما فلا اختيار له وحرمتا - الأم وابنتها - أبدا لأنه وط ء شبهة وهو ينشر الحرمة، وان مس احداهما تعينت ان اختار بقاء واحدة أى تعينت الممسوسة للبقاء ان اختارها وحرمت الأخرى أبدا فان كانت الممسوسة البنت تعين بقاؤها وحرمت عليه الأم اتفاقا، وان كانت الممسوسة الأم فعلى مذهب المدونة أن له أن يختار احداهما، ومن أسلم على أكثر من أربع زوجات فطلق واحدة منهن أو أكثر الى أربع عد بطلاقه مختارا لمن طلق واحدة أو أكثر فليس له أن يختار بعد ذلك الا ما يكمل له أربعا بحيث اذا كان طلق أربعا منهن لم يكن له اختيار بعد ذلك اذ الطلاق لا يكون الا للزوجات فطلاقه يكون اختيارا لهن وكما يعتبر الاختيار بالطلاق فانه يعتبر بالايلاء لأن الايلاء لا يكون الا فى الزوجة وكذلك يعتبر اللعان من الرجل فقط اختيارا، ويعتبر الاختيار أيضا بالوط ء فمتى وط ء بعد اسلامه واحدة أو تلذذ بها ممن أسلمن أو كن كتابيات وبقين على دينهن اعتبر مختارا لها بالوط ء وسواء نوى الاختيار أم لا، فان وطئ أكثر من أربع فالعبرة بمن وطئ أولا ويعتبر الاختيار أيضا بالفسخ فلو قال من أسلم:
فسخت نكاح فلانة فان فسخه يعد فراقا
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ح ٢ ص ٣١٤، ص ٣١٥ مطبعة شركة المطبوعات العلمية بمصر الطبعة الاولى سنة ١٣٢٧ هـ والمبسوط لشمس الدين السرخسى ح ٥ ص ٥٣ وما بعدها طبعة الساسى بمطبعة السعادة الطبعة الاولى سنة ١٣٢٤ هـ.