للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع: أن اليمين المنعقدة هى التى يمكن فيها البر والحنث بأن يقصد عقدها على مستقبل، فأما اليمين على الماضى فليست منعقدة، لأن شرط‍ الانعقاد امكان البر والحنث، وذلك متعذر فى الماضى واليمين على الماضى نوعان: غموس ولغو.

أما الغموس فهى التى يحلف بها على الماضى كاذبا عالما (١).

وأما اللغو فهى سبق اليمين على لسانه من غير قصد كقوله لا والله وبلى والله فى عرض حديثه لحديث عطاء عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:

اللغو فى اليمين كلام الرجل فى بيته لا والله وبلى والله رواه أبو داود وظاهر الحديث أن اللغو ولو كان قوله لا والله وبلى والله فى عرض حديثه على شئ يفعل فى الزمن المستقبل، لظاهر الخبر، ولا كفارة فيها لقوله تعالى «لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ.» (٢)

وان عقدها على زمن خاص ماض يظن صدق نفسه كأن حلف ما فعل كذا بظنه لم يفعله فبان بخلافه حنث فى طلاق وعتاق فقط‍، بخلاف الحلف بالله تعالى أو بنذر أو ظهار لأنه من لغو الأيمان.

وقال الشيخ وكذا عقد اليمين على زمن مستقبل ظانا صدقه فلم يكن صدقه كمن حلف على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك (٣).

ولو حلف ليقضين فلانا حقه غدا فقضاه حقه قبله لم يحنث اذا قصد أن لا يجاوز الغد، أو كان السبب يقتضى التعجيل قبل خروج الغد، لأن مقتضى اليمين تعجيل القضاء ولأن السبب يدل على النية فان عدمت النية وسبب اليمين لم يبرأ الا بقضائه حقه فى الغد، فان عجله قبله حنث كما لو أخره عنه، لأنه ترك فعل ما تناوله يمينه لفظا ولم يصرفها عنه نية ولا سبب كما لو حلف ليصومن شعبان فصام رجب وكذا لو حلف لآكلن شيئا غدا أو لأبيعنه غدا، أو لأشترينه غدا، أو لأضربنه غدا ونحوه. وان قصد بحلفه ليقضينه حقه غدا مطله فقضاه قبله حنث لأن اليمين انعقدت على ما نواه وقد خالفه (٤).

ولو حلف لا يكلم فلانا حينا فالحين يقدر بستة أشهر اذا أطلق ولم ينو الحالف شيئا، لأن


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع لابن ادريس الحنبلى ج ٤ ص ١٣٨، ص ١٣٩ فى كتاب على هامشه شرح منتهى الارادات للشيخ منصور بن يونس البهوتى الطبعة الأولى طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٩ هـ‍.
(٢) الآية رقم ٨٩ من سورة المائدة.
(٣) كشاف القناع ج ٤ ص ١٣٩ وص ١٤٠.
(٤) المرجع السابق ج ٤ ص ١٤٥.