للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اذا كانوا يستحلونها بالباطل عدوانا ليتوصلوا بها الى اراقة دمائنا واتلاف أموالنا أما اذا كانوا يستحلونها بتأويل فقد جاء فى الروضة أنه تقبل شهادة من استحل الدم والمال من أهل الاهواء، والقاضى كالشاهد (١).

[مذهب الحنابلة]

[استحلال ما أجمع على تحريمه]

ذكر صاحب المغنى أن من اعتقد حل شئ أجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة فيه - للنصوص الواردة فيه مثل لحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه - كفر.

[استحلال قتل المعصومين وأخذ أموالهم]

وان استحل قتل المسلمين وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل فكذلك - وان كان بتأويل كالخوارج فان أكثر الفقهاء لم يحكموا بكفرهم مع استحلالهم دماء المسلمين وأموالهم وفعلهم لذلك متقربين به الى الله تعالى. وكذلك يخرج فى كل محرم استحل بتأويل مثل هذا.

[استحلال شرب الخمر]

روى أن قدامة بن مظعون شرب الخمر مستحلا لها فأقام عمر رضى الله عنه عليه الحد ولم يكفره بذلك، وكذلك أبو جندل بن سهيل وجماعة معه شربوا الخمر بالشام مستحلين لها مستدلين بقول الله تعالى «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» (٢) فلم يكفروا وعرفوا تحريمها فتابوا وأقيم عليهم الحد فيخرج فيمن كان مثلهم مثل حكمهم، وكذلك كل جاهل بشئ يمكن أن يجهله لا يحكم بكفره حتى يعرف ذلك وتزول عنه الشبهة ويستحله بعد ذلك. وقد قال أحمد من قال الخمر حلال فهو كافر يستتاب فان تاب والا ضربت عنقه، وهذا محمول على من لا يخفى على مثله تحريمه لما ذكرنا فأما ان أكل لحم خنزير أو ميتة أو شرب خمرا لم يحكم بردته بمجرد ذلك، سواء فعله فى دار الحرب أو فى دار الاسلام، لانه يجوز أن يكون فعله معتقدا تحريمه كما يفعل غير ذلك من المحرمات (٣) ثم يقول ابن قدامة: فمن استحلها الآن - بعد أن انعقد الاجماع على تحريمها فقد كذب النبى صلى الله عليه وسلم لانه قد علم ضرورة من جهة النقل تحريمه فيكفر بذلك ويستتاب فان تاب والا قتل (٤).

[استحلال فعل السحر أو تعلمه]

ذكر صاحب المغنى أن أصحابهم قالوا:

ويكفر الساحر بتعلمه وفعله سواء اعتقد تحريمه أو اباحته وروى عن أحمد ما يدل


(١) المرجع السابق وبهامشه حاشية الشبراملسى وحاشية الرشيدى ج‍ ٧ ص ٣٨٤.
(٢) الاية رقم ٩٣ من سورة المائدة.
(٣) ابن قدامة فى المغنى ج‍ ١٠ ص ٨٦.
(٤) المرجع السابق ج‍ ١٠ ص ٣٢٥.