بقرينة العادة أن الموكل لا يستقل بالتصرف فيه فيجوز له أن يوكل من يعينه.
قال ابن عبد السّلام وهذه القرينة تسوغ له الاستعانة، ولا تسوغ له أن يجعل وكيلا، أو وكلاء ينظرون فيما كان ينظر فيه، والقرينة الأولى تسوغ ذلك.
ثم قال ويكون للوكيل الأعلى النظر على من تحته ونحوه فى التوضيح.
واعلم أن هذا فى الوكيل المخصوص.
أما المفوض فله التوكيل.
قال ابن الحاجب: الوكيل بالتعيين لا يوكل الا فيما يليق به ولا يستقل لكثرته.
قال فى التوضيح احترز بالتعيين من المفوض، فان له ان يوكل على المعروف.
وحكى فى البيان قولا أنه لا يوكل.
قال: والأظهر أن له ذلك، لأن الموكل أحله محل نفسه، فكان كالوصى.
وكلام ابن رشد الذى أشار اليه فى نوازل عيسى من كتاب الوكالة ونصه: لا اختلاف أحفظه فى أن الوكيل على شئ مخصوص لا يجوز له أن يوكل.
ثم قال وأما الوكيل المفوض اليه فى جميع الأشياء فلا أحفظ فى أنه هل له أن يوكل أولا قولا منصوصا لأحد العلماء المتقدمين.
وكان الشيوخ المتأخرون يختلفون فيها.
والأظهر أن له أن يوكل.
[مذهب الشافعية]
جاء فى نهاية المحتاج (١): أنه ليس لوكيل أن يوكل بلا اذن ان تأتى منه ما وكل فيه، لأن الموكل لم يرض بتصرف غيره، ولا ضرورة كالمودع لا يودع وشمل كلامه ما لو أراد ارسال ما وكل فى قبضه من دين مع بعض عياله أن فعله خلافا للجوزى.
وعلى رأيه يشترط فى المرسل معه كونه أهلا للتسليم، بأن يكون رشيدا.
ويؤخذ من تعليلهم منع التوكيل بما ذكر عدم الفرق بين وكلتك فى بيعه، وفى أن تبيعه، وهو كذلك كما هو مقتضى اطلاق المصنف.
خلافا للسبكى حيث فرق بينهما فجوز التوكيل مطلقا فى الأول، دون الثانى.
وان لم يتأت ما وكل فيه منه، لكونه لا يحسنه أو لا يليق به أو يشق عليه تعاطيه مشقة لا تحتمل فى العادة كما هو واضح فله التوكيل عن موكله دون نفسه،
(١) انظر كتاب نهاية المحتاج الى شرح المنهاج لشمس الدين بن شهاب الدين الرملى الشهير بالشافعى الصغير فى كتاب مع حاشية الشبراملسى عليه وبهامشه المغربى ج ٥ ص ٣٨، ص ٣٩، ص ٤٠ طبع مطبعة مصطفى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٣٥٧ هـ.