للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانه لا قطع (١) عليه ففى رواية السكونى عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يقطع السارق فى عام سنة مجدبه يعنى فى المأكول دون غيره (٢).

[ولكن هل على المضطر ضمان ما أخذ؟]

[مذهب الحنفية]

يرى الحنفية أن المضطر يجب عليه ضمان ما تناوله من مال الغير، لأن المضطر أخذ الشئ بغير اذن مالكه فكان عليه ضمانه. وهذا عند الحنفية مضطرد على قواعد مذهبهم، ويتفق مع ما يرونه من أن المضطر لا يجب عليه أكل مال الغير مع الضمان بل ذلك مباح له فقط‍ ولم يقولوا بوجوب التناول على المضطر مراعاة لحق المالك، فاقتصروا على القول بالاباحة وهى لا تنافى الضمان عندهم (٣).

[مذهب المالكية]

فى المذهب المالكى أقوال ثلاثة:

أحدها: أن على المضطر ضمان ما أخذ من مال غيره لأن اذن المالك لم يوجد وانما وجد اذن صاحب الشرع وهو لا يوجب سقوط‍ الضمان وانما ينفى الاثم والمؤاخذة بالعقاب، ولأن القاعدة أن الملك اذا دار - زواله بين المرتبة الدنيا والمرتبة العليا حمل على الدنيا استصحابا للملك بحسب الامكان وانتقال الملك بعوض هو أدنى رتب الانتقال وهو الأقرب لموافقة الأصل من الانتقال بغير عوض (٤).

ثانيها: أنه لا يجب على المضطر ضمان ما أخذه من مال الغير لأن المضطر لم يتناوله الا ليسد به رمقه حفظا لنفسه من الهلاك والتلف وهذا العمل فى حقيقة أمره كان واجبا على المالك اذ من المعلوم أنه يجب على من لديه فضل طعام ان يبذله لمن هو مضطر اليه والواجب لا يؤخذ له عوض (٥).

والظاهر أن هذا الرأى هو مذهب جمهور المالكية على ما حكاه صاحب التاج والاكليل (٦).

ثالث الأقوال: عندهم التفرقة بين ما اذا وجدت مع المضطر حال اضطراره قيمة ما تناوله من مال غيره وبين ما لم توجد: فان وجدت معه وجب عليه الضمان وان لم توجد فلا شئ عليه مطلقا (٧).


(١) المختصر النافع ص ٣٠٢.
(٢) من لا يحضره الفقيه ص ٤٨٢.
(٣) حاشية ابن عابدين ج ٥ ص ٢٩٥ - ٢٩٦ والفتح ج ٤ ص ٢٨٨ والحموى على الاشباه ص ١١٣.
(٤) افروق للقرافى ج ١ ص ١٩٥.
(٥) المرجع السابق نفس الموضع.
(٦) التاج والاكليل ج ٣ ص ٢٣٤ وحاشية الدسوقى ج ٢ ص ١١٦.
(٧) شرح الزرقانى ج ٣ ص ٣٠.