للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه، وقد بين ذلك فى المنهاج وشرحه مغنى المحتاج (١) وان أذن له سيده فى التجارة تصرف بالأجماع، لأن المنع لحق السيد وقد زال، وذلك بحسب اذن سيده، لأن تصرفه مستفاد من الاذن فاقتصر على المأذون فيه ولا يشترط‍ قبول المأذون، فان أذن له فى نوع كالثياب أو فى وقت كشهر كذا أو فى بلد لم يتجاوزه كالوكيل وعامل القراض .. فاذا لم ينص على شئ تصرف بحسب المصلحة فى كل الأنواع والأزمنة والبلدان، والحكم اذا أذن له فى التجارة قد جاء بيانه فيهما بما يأتى: ويستعيد بالاذن فى التجارة كل ما يندرج تحت اسمها وما كان من لوازمها وتوابعها كالنشر والطى وحمل المتاع الى الحانوت والرد بعيب ومخاصمة فى عهدة والمراد المخاصمة الناشئة عن المعاملة، أما مخاصمة الغاصب والسارق ونحوهما فلا كما صرح به الرافعى فى عامل القراض، وهذا مثله .. وليس له نكاح لنفسه ولا لرقيق التجارة، ولا يأذن للعبد الذى اشتراه للتجارة فى تجارة بغير اذن سيده ولا ينفق على نفسه من مال التجارة، ولو غاب السيد فالوجه الجواز اذا لم يوجد حاكم يراجعه فى ذلك ولا يتبرع لأنه ليس من أهل التبرع ويقبل اقرازه بديون المعاملة أما الصبى المميز فانه لا يصح تصرفه ولو أذنه الولى فيه كما يدل عليه ما جاء فى المنهاج وشرحه مغنى المحتاج (٢) وشرط‍ العاقد بائعا أو مشتريا الرشد، وهو أن يتصف بالبلوغ والصلاح لدينه وماله فلا يصح من صبى وان قصد اختباره .. وقد جاء فى اختبار الصبى أنه قبيل البلوغ أو عنده: وحجر الصبى يرتفع ببلوغه رشيدا ويختبر رشد الصبى ويختلف بالمراتب، فيختبر ولد التاجر بالبيع والشراء والمماكسة فيهما وولد الزارع بالزراعة والنفقة على القوام بها، والمحترف بما يتعلق بحرفته ..

ووقت الاختبار قبل البلوغ وقيل بعده، فعلى الأول: الأصح أنه لا يصح عقده، بل يسلم اليه المال ويمتحن فى المماكسة فاذا أراد العقد عقد الولى لما تقرر من بطلان تصرفه (٣).

[مذهب الحنابلة]

ذهب الحنابلة الى أنه يجوز أن يأذن السيد لعبده فى التجارة لأن الحجر عليه انما كان لحق سيده فجاز له التصرف باذنه، وينفك عنه الحجر فى قدر ما أذن له فيه، لأن تصرفه انما جاز باذن سيده فزال الحجر بقدر ما أذن فيه كالوكيل فان دفع اليه مالا يتجر فيه كان له أن يبيع ويشترى ويتجر فيه وان أذن له أن يشترى فى ذمته جاز، وان عين له نوعا من المال يتجر فيه. جاز ولم يكن له التجارة فى غيره لأنه متصرف بالاذن من جهة الآدمى فوجب أن يختص بما أذن له فيه كالوكيل والمضارب (٤) ولكن لا يجوز أن يؤجر نفسه ولا أن يتوكل لانسان لأنه عقد على نفسه فلا يملكه بالاذن فى التجارة كبيع نفسه وتزوجه، كما لا يجوز له التبرع بهبة الدراهم ولا كسوة الثياب.

وتجوز هبته المأكول واعارة دابته واتخاذ


(١) ح‍ ٢ ص ٩٩، ١٠٠.
(٢) ح‍ ٢ ص ٧.
(٣) مغنى المحتاج ح‍ ٢ ص ١٦٦، ص ١٦٩، ص ١٧٠.
(٤) المغنى لابن قدامة ح‍ ٥ ص ١٩٩.