الله تعالى: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح السر. وعنه صلى الله عليه وسلم: فرق ما بين السفاح والنكاح الاعلان.
ولا يفسد النكاح بكتمه خلافا لما لك وبعض أصحابنا قال: أبو يعقوب يوسف بن خلفون رحمه وعنه صلى الله عليه وسلم: لا نكاح حتى يسمع طنين الدف أو يرى دخان. وعنه صلى الله عليه وسلم: فرق ما بين النكاح والسفاح ضرب الدف.
وعنه صلى الله عليه وسلم: أعلنوا النكاح واجعلوه فى المساجد، وأشهروه ولو بالدف.
ويكره كتمانه ولو وقع فى ملأ. وجل قول أصحابنا أنه يجوز مع الكراهة، وحملوا ذلك على الكراهه بينما يرى القليل من أصحابنا فساد نكاح السر، والتفريق بينهما وهو كذلك وكان أبو بكر رضى الله عنه لا يجيز نكاح السر - أعنى يبطله ويفرق بينهما وكذا عمر رضى الله تعالى عنه، فقد روى أنه رفع اليه نكاح أشهد عليه رجل واحد فقال، هذا نكاح السر ولا أجيزه وروى عنه أنه قال: لو تقدمت فيه لرجمت. وروى عنه عن عبد الله بن عتبة أنه قال شر النكاح نكاح السر.
وروى عن ابن شهاب أنه أن مسها فى نكاح السر فرق بينهما واعتدت وعوقب الشاهدان.
واختلفوا هل هو نكاح سر اذا لم يشهر أو لا يكون نكاح سر الا ان استكتم قولان. وان استكتموه خوفا من ظالم فالظاهر أنه لا يحرم ولا يفرق بينهما وانما يضرب الدف عند أصحابنا لاشهار النكاح ضربة أو ضربتين لا غير.
وفى رواية أعلنوا النكاح وأضربوا عليه بالدفوف قال أبو الليث: انما هذا كناية عن اظهار النكاح ولم يرد ضرب الدف بعينه.
قال والخلاف انما هو فى ضرب الدف الذى يضرب به فى الزمان المتقدم، وأما ضرب دف الصنجات والجلاجلات فيكره بالاتفاق.
وزعم الشيخ عمر والثلاثى فى أواخر نزهة الأديب أن ضرب الطبل لشهرة النكاح لا يجوز فى زماننا هذا لاستقباحه فيه وكذلك ضرب الدف لتلك الشهرة.
ولا يجوز أيضا لذلك الاستقباح وان جاز لها بشرط عدم الغناء على الدف قديما لعدم استقباحهما فيه. ولكل زمان ومكان حكم. وما زعمه الشيخ عمر والثلاثى ليس صحيحا لأن ضرب الدف لاشهار النكاح ورد به الحديث على الاطلاق لا بنقييد زمان فلا يجوز لأحد الحكم بعدم جوازه فى زمان لعلة نقبيحه (١).
[أعلان أهل الذمة]
[مذهب الحنفية]
جاء فى بدائع الصنائع أن أهل الذمة يؤخذون باظهار علامات يعرفون بها ولا يتركون يتشبهون بالمسلمين فى لباسهم ومركبهم وهيئتهم فيؤخذ الذمى بأن يجعل على وسطه كشما مثل الخيط الغليظ ويلبس قلنسوة طويلة مضروبة ويركب سرجا على قربوسه مثل الرومانة ولا يلبس طيلسانا مثل طيالسة المسلمين ورداء مثل أردية المسلمين.
والأصل فيه ما روى أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى مر على رجال ركوب ذوى هيئة فظنهم مسلمين فسلم عليهم فقال له رجل من أصحابه: أصلحك الله تدرى من هؤلاء فقال: من هم؟ فقال: هؤلاء نصارى بنى تغلب، فلما أتى منزله أمر أن ينادى فى الناس أن لا يبقى نصرانى الا عقد ناصيته وركب الأكاف ولم ينقل أنه أنكر عليه أحد فيكون كالاجماع ولأن السلام من شعائر الاسلام فيحتاج المسلمون الى اظهار هذه الشعائر عند الالتقاء ولا يمكنهم ذلك الا بتميز أهل الذمة بالعلامة ولأنه فى اظهار هذه العلامات اظهار آثار الذلة عليهم وفيه صيانة
(١) شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيس ج ٣ ص ١٥٧ وما بعدها الى ص ١٥٩ طبع مطبعة محمد ابن يوسف البارونى وشركاه بمصر.