للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الظاهرية]

جاء فى «المحلى» انه لا خلاف بين أحد من الأمة فى أن ذا القربى يحد فى قذف ذى القربى، وان ذلك لا يضاد الاحسان المأمور به، بل أن اقامة الحد على الوالدين فمن دونهما احسان اليهما. وبر بهما، لأنه حكم الله تعالى الذى لولاه لم يجب بره بهما.

والحدود والقود واجبان على الأب للولد فى الزنا بأمة ولده، وفى السرقة من مال ولده، وفى قتله اياه، وجرحه اياه فى أعضائه وفى قذفه. واذا قذف الأب أم ابنه أو أم عبد له فللابن أن يأخذ أباه بذلك، لان حد القذف حد لله تعالى: لا للمقذوف، فاذ هو كذلك فأخذ واجب على كل حال، قام به من قام من المسلمين (١).

وجاء فى «المحلى» كذلك أن قذف المؤمنات من الكبائر، وتعرض المرء لسب أبويه من الكبائر - فقد قال أبو محمد: عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ان من أكبر الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: يا رسول الله - وكيف يشتم الرجل والديه - قال: نعم - يسب أبا الرجل، فيسب أباه. ويسب أمه، فيسب أمه «فصح أن السب المذكور من الكبائر وان لم يكن قذفا» (٢).

وقال أبو محمد: ان من انتفى من أبيه عليه التعزير ولا حد فى ذلك (٣).

[مذهب الزيدية]

وجاء فى كتاب «شرح الأزهار» أنه لو كان القاذف والدا للمقذوف فإنه يلزمه الحد.

ولا خلاف فى أن الابن إذا قذف أباه لزمه الحد. فان قيل: لم حد الوالد للقذف ولم يقتص منه مع أنه لا شبهة له فى بدنه، قلنا:

القذف مشوب بحق الله سبحانه وتعالى، والقصاص حق له محض فيصح منه العفو بخلاف القذف بعد المرافعة، وقيل انه سبب فى إيجاده فلا يكون سببا فى إعدامه - ويقول صاحب «شرح الأزهار». الأولى أن يقال:

القصاص خصه الخبر بخلاف القذف، فعموم الدليل لم يفصل (٤).

[مذهب الإمامية]

وجاء فى كتاب «الخلاف فى الفقه» أنه اذا قذف الرجل زوجته ووجب عليه الحد فأراد اللعان فماتت المقذوفة انتقل ما كان لها من المطالبة بالحد الى ورثتها، ويقومون مقامها فى المطالبة، لأن ذلك من حقوق الآدميين (٥). واذا ثبت أن هذا الحد حق موروث فانه يرثه المناسبون جميعهم، ذكرهم وأنثاهم دون ذوى الأسباب (٦).


(١) المحلى لابن حزم ح‍ ١١ ص ٢٩٥، ٢٩٦ المسألة رقم ٢٢٤٣.
(٢) نفس المصدر ح‍ ١١ ص ٢٦٨، ٢٦٩ مسألة رقم ٢٢٢٥.
(٣) المصدر نفسه ح‍ ١١ ص ٢٨٢.
(٤) شرح الأزهار ح‍ ٤ ص ٣٥٥ الطبعة الثانية شهر شعبان ١٣٥٧ هـ‍.
(٥) كتاب الخلاف فى الفقه للطوسى ح‍ ٢ ص ٢٨١ مسألة رقم ١٠ فى اللعان.
(٦) نفس المرجع ح‍ ٢ ص ٢٨٢.