للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واليه أنيب، وقوله تعالى (١): «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً،} فمن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليرد ما اختلف فيه من الدين إلى القرآن والسنة الواردة عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا يرد ذلك إلى رجل من المسلمين لم يؤمر بالرد اليه.

[مذهب الزيدية]

قال صاحب الروض النضير (٢): يجب أن يكون الحاكم والمفتى مجتهد بالفعل فى أشخاص مسائل الاستفتاء وفصل الخصومات، ولا يكفى مجرد تمكنه من الاجتهاد فيها، لان الحكم والافتاء أخبار عما علمه الحاكم والمفتى من حكم الله وظنه والاخبار عن الله لا عن دليل ولا امارة افتراء على الله وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ}. (٣)

ثم قال: حدثنى زيد بن على عن أبيه عن جده عن على عليهم السّلام

قال: لا يفتى الناس الا من قرأ القرآن وعلم الناسخ والمنسوخ وفقه السنة وعلم الفرائض والمواريث، لان المفتى حاك عن الله تعالى حكمه الذى شرعه لعباده فلا يجوز له أن يخبر عن الله عز وجل حكمه ودينه الذى شرعه لعباده الا اذا كان خبره مطابقا لما شرعه والا كان قائلا عن الله بلا علم، وقد حرم الله القول عليه بغير علم كما قال تعالى «قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ}. (٤)

ثم قال «من أفتى بغير علم كان أثمه على من أفتاه» أخرجه أبو داود والحاكم من حديث أبى هريرة.

وجاء «اجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار». فلا بد أن يكون المنصوب للفتيا مجتهدا (٥) بالفعل فى كثير من الاحكام فيجب أن يكون له كمال أهليه الاجتهاد وكمال الممارسة لموارد الادلة لاشتراط‍ قراءته للقرآن وفقهه وأن يكون قد ظهر وتبين كمال اجتهاده الفعلى فى كثير من الاحكام ليتحقق كمال الاهلية لان المطلوب من الانتصاب للفتيا


(١) الآية رقم ٥٩ من سورة النساء.
(٢) الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير لأحمد الحسنى اليمنى الصنعانى ج‍ ٢ من ص ٤٢ الى ص ٤٥ وما بعدها تتمة الطبعة السابقة.
(٣) الآية رقم ٢١ من سورة الأنعام.
(٤) الآية رقم ٣٣ من سورة الأعراف.
(٥) تتمة الروض النضير لأحمد الحسنى اليمنى الصنعانى ج‍ ٢ ص ١٤٦، ١٤٧ الطبعة السابقة.