للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الأعمى والبيع]

[مذهب الحنفية]

بيع الأعمى وشراؤه جائز وله الخيار اذا اشترى ولا خيار رؤية له فيما باعه، وتقليبه وجسه بمنزلة النظر من الصحيح فيما يجس، وفى المشموم يعتبر الشم، وفى المذوق يعتبر الذوق، ولا يشترط‍ بيان الوصف فان كان ثوبا فلا بد من صفة طوله وعرضه ورقته مع الجس، وفى الحنطة لا بد من اللمس والصفة.

ولو اشترى ثمارا على رءوس الأشجار فانه يعتبر فيه الوصف لا غير.

ولا يسقط‍ خياره فى العقار حتى يوصف له وكذا الدابة والعبد والأشجار وجميع ما لا يعرف بالجس والشم والذوق وان وجد هذه الأسباب قبل العقد فلا خيار. ولو وصف له ثم رضى به ثم أبصر لا يعود الخيار.

ولو اشترى البصير ثم عمى انتقل الخيار الى الوصف.

ولو قال الأعمى قبل الوصف: رضيت، لم يسقط‍ خياره (١).

وفى حاشية ابن عابدين:

لا بد فى الوصف للأعمى من كون المبيع على ما وصف له ليكون فى حقه بمنزلة الرؤية فى حق البصير.

والخيار ثابت للأعمى لجهله بصفات المبيع، فاذا زال ذلك بأى وجه كان يسقط‍ خياره ليسقط‍ خياره يجس المبيع وشمه وذوقه فيما يعرف بذلك ووصف عقاره وشجر وعبد، وكذا كل ما لا يعرف يجس وشم وذوق، أو بنظر وكيله ولو أبصر بعد ذلك فلا خيار له. اذا اشترى الأعمى قبل أن يوجد منه الجس ونحوه، لا يسقط‍ خياره بوجوده بل يثبت باتفاق الروايات ويمتد الى أن يوجد منه ما يدل على الرضا من قول أو فعل.

ولو اشترى البصير ثم عمى انتقل الخيار الى الوصف.

وفى حاشيه ابن عابدين أيضا:

أنه يصح عقد الأعمى ولو لغيره كأن يكون وصيا أو وكيلا (٢).

وفى بدائع الصنائع للكسانى:

ما يفيد أن شراء الأعمى وبيعه جائز عندهم وأن له خيار الشرط‍ أيضا فقد روى عن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لحبان بن منقذ:

اذا بايعت فقل: لا خلابة ولى الشرط‍ ثلاثة أيام وكان حبان ضريرا.

والاجماع منعقد على جواز بيع الأعمى وشرائه فان العميان فى كل زمان من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمنعوا من بياعاتهم وأشريتهم، بل بايعوا فى سائر الأعصار من غير انكار واذا جاز شراؤه وبيعه فله الخيار فيما اشترى ولا خيار رؤية له فيما باع فى أصح الروايتين كالبصير (٣).

[مذهب المالكية]

جاز البيع والشراء من الأعمى سواء ولد أعمى أم طرأ عليه العمى فى صغره أو كبره، ويعتمد فى ذلك على أوصاف المبيع هذا اذا كان المبيع غير جزاف (٤) لأن الجزاف تعتبر فيه الرؤية فتذكر له الأوصاف ليعتمد عليها فى البيع والشراء.


(١) الفتاوى الهندية ج‍ ٣ ص ٦٥ الطبعة السابقة.
(٢) رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار حاشية ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٧١.
(٣) بدائع الصنائع ج‍ ٥ ص ١٦٤.
انظر النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الاثير ج‍ ١ ص
(٤) الجزاف والجزف: المجهول القدر مكيلا كان أو موزونا انظر النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير ج‍ ١ ص ٢٦٩ طبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر سنة ١٣٨٣ هـ‍ - ١٩٦٣ م.