للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى القاضى أبو القاسم ابن كج رحمه الله تعالى وجها آخر أنه للموصى له لأنه تناولته الوصية فلم يخرج منها بالانفصال وأنه زال عنها اسم الدار ففى الباقى من العرصة وجهان (١).

أحدهما أنه تبطل فيه الوصية لأنه أزال عنها اسم الدار.

والثانى لا تبطل لأنه لم يوجد من جهته ما يدل على الرجوع وان وصى له بأرض فزرعها لم يكن ذلك رجوعا لأنه لا يراد للبقاء وقد يحصل قبل الموت فلم يكن رجوعا وان غرسها أو بنى فيها ففيه وجهان:

أحدهما أنه رجوع لأنه جعلها المنفعة مؤبدة فدل على الرجوع.

والثانى ليس برجوع لأنه استيفاء منفعة فهو كالزراعة فعلى هذا فى موضوع الأساس وقرار الغرس وجهان:

أحدهما أنه لا تبطل فيه الوصية كالبياض الذى بينهما فاذا مات الغراس أو زال البناء عاد الى الموصى له.

والثانى أنه تبطل الوصية فيه لأنه جعله تابعا لما عليه وان أوصى له بسكنى دار سنة فأجرها دون السنة لم يكن ذلك رجوعا لأنه قد تنقض الاجارة قبل الموت فان مات قبل انقضاء الاجارة ففيه وجهان:

أحدهما يسكن مدة الوصية بعد انقضاء الاجارة.

والثانى أنه تبطل الوصية بقدر ما بقى من مدة الاجارة وتبقى فى مدة الباقى وان مات الموصى له قبل موت الموصى بطلت الوصية ولا يقوم وارثه مقامه لأنه مات قبل استحقاق الوصية وان مات بعد موته وقبل القبول قام وارثه مقامه فى القبول والرد لأنه خيار ثابت فى تملك المال فقام الوارث مقامة كخيار الشفعة (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى أن أهل العلم أجمعوا على أن للوصى أن يرجع فى جميع ما أوصى به وفى بعض الوصية الا بالاعتاق والأكثرون على جواز الرجوع فى الوصية به أيضا.

روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه قال يغير الرجل ما شاء من وصيته.

وبه قال عطاء وجابر بن زيد والزهرى وغيرهم وذلك لأنها وصية فملك الرجوع عنها كغير العتق ولأنها عطية تنجز بالموت فجاز له الرجوع عنها قبل تنجيزها كهبة ما يفتقر الى القبض قبل قبضه ويحصل الرجوع بقوله رجعت فى وصيتى أو أبطلتها أو غيرتها أو ما أوصيت به لفلان فهو لفلان أو فهو لورثتى أو فى ميراثى وان أكله أو أطعمه أو أتلفه أو وهبه أو تصدق به أو باعه أو كان توبا غير مفصل ففصله ولبسه أو جارية فأحبلها أو ما أشبه هذا فهو رجوع.

وحكى عن أصحاب الرأى أن بيعه ليس برجوع لأنه أخذ بدله بخلاف الهبة.

ويدل لنا أنه أزال ملكه عنه فكان رجوعا كما لوهبه وان عرضه على البيع أو وصى ببيعه أو أوجب الهبة فلم يقبلها الموهوب له أو كاتبه أو وصى باعتاقه أو دبره كان رجوعا لأنه يدل على اختياره للرجوع يعرضه على البيع وايجابه


(١) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٤٦٢ الطبعة السابقة
(٢) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٤٦٢ نفس الطبعة