للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين الحيض والاستحاضة]

اختلف الفقهاء فى تحديدهم لاقل الحيض وأكثره الامر الذى ترتب عليه اختلافهم فى دم الاستحاضة، وكذلك اختلفوا فى أقل سن يمكن أن تحيض المرأة فيه، وفى السن الذى تيأس فيه من الحيض مما ينبنى عليه الحكم باستحاضة المرأة فى حال الصغر والكبر، وأيضا فان بعض المذاهب تجعل من اختلاف لون الدم عاملا من عوامل التمييز بين دم الحيض ودم الاستحاضة.

[مذهب الحنفية]

يرى الحنفية غير أبى يوسف أن أقل الحيض ثلاثة أيام ولياليها ويترتب على ذلك أن الدم الذى تقل مدة نزوله عن ثلاثة أيام يعتبر دم استحاضة لقوله صلى الله عليه وسلم «أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة أيام ولياليها

ولان المقادير لا تعرف قياسا. وروى ابن سماعة عن أبى يوسف أن أقل الحيض يومان وأكثر اليوم الثالث (١)، وبناء على هذا يكون الدم الذى ينقص عن هذه المدة دم استحاضة عند أبى يوسف.

وأكثر الحيض عند الحنفية عشرة أيام فاذازاد على ذلك فهو دم استحاضة لما روى الدار قطنى عن أبى أمامة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أقل الحيض للجارية والثيب الثلاث وأكثر ما يكون عشرة أيام فاذا زاد فهى مستحاضة»

وقد ساق الكمال بن الهمام عدة أحاديث فى هذا المعنى وقال فى نهاية كلامه «فهذه عدة أحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم، متعددة الطرق وذلك يرفع الضعيف الى الحسن والمقدرات الشرعية مما لا تدرك بالرأى فالموقوف فيها حكمه الرفع بل تسكن النفس بكثرة ما روى فيه عن الصحابة والتابعين

وبالجملة فله أصل فى الشرع (٢).

ومن ناحية أخرى فان الصغيرة اذا رأت دما قبل أن تبلغ تسع سنين فانه يعتبر دم استحاضة على ما عليه العامة (٣) وفيما يتعلق بلون الدم. جاء فى الهداية «وما تراه المرأة من الحمرة والصفرة والكدرة فى أيام الحيض حيض حتى ترى البياض خالصا، وقال أبو يوسف رحمه الله لا تكون الكدرة حيضا الا بعد الدم (٤) - وعليه فان الكدرة التى ليست بعد الدم هى دم استحاضة عند أبى يوسف … ويقول الكمال «وأما الصفرة فلا شك أنها من ألوانه - أى الحيض - فى سن الحيض، وأما فى سن الاياس ففى الفتاوى بنت سبع وخمسين ترى صفرة غير خالصة على الاستمرار. فان كان ما ترى مثل لون التبن فحيض … وان كان دون التبن فليس بحيض - وعليه فانه


(١) شرح العناية على الهداية هامش فتح القدير ح‍ ١ ص ١١١ طبعة المكتبة التجارية.
(٢) المرجع السابق ج‍ ١ ص ١١٢ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ح‍ ١ ص ١١٤ الطبعة السابقة.
(٤) الهداية ج‍ ١ ص ١١٢، ١١٣ الطبعة السابقة.