للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يقف على المشهورين من القولين أو الروايتين فليس له التشهى والحكم بما شاء منهما من غير نظر ترجيح.

فقد قال ابن الصلاح رحمه الله تعالى فى كتاب أدب المفتى والمستفتى أن من يكتفى بأن يكون فى فتياه أو علمه موافقا لقول أو وجه فى المسألة أو يعمل بما شاء من الاقوال والوجوه من غير نظر فى الترجيح فقد جهل وخرق الاجماع وسبيله سبيل الذى حكى أبو الوليد الباجى عن فقهاء أصحابه أنه كان يقول الذى لصديقى على اذا وقعت له حكومة أن أفتيه بالرواية الذى توافقه.

وحكى الباجى عمن يثق به أنه وقعت له واقعة فأفتى فيها وهو غائب من فقهائهم يعنى المالكية من أهل الصلاح بما يضره فلما عاد سألهم فقالوا ما علمنا أنها لك وأفتوه بالرواية الاخرى التى توافقه.

قال الباجى وهذا لا خلاف بين المسلمين ممن يعتد به فى الاجماع أنه لا يجوز.

قال ابن الصلاح فاذا وجد من ليس أهلا للتخريج والترجيح اختلافا بين أئمة المذهب فى الاصح من القولين أو الوجهين فينبغى أن يفزع فى الترجيح الى صفاتهم الموجبة لزيادة الثقة بآرائهم فيعمل بقول الاكثر والاورع والاعلم.

فاذا اختص أحدهم بصفة أخرى قدم الذى هو أحرى منهما بالاصابة.

فالاعلم الورع مقدم على الاورع العالم وكذا اذا وجد قولين أو وجهين لم يبلغه عن أحد من أئمة المذهب بيان الاصح منهما اعتبر أوصاف ناقليهما أو قائليهما.

قال ابن فرحون وهذا الحكم جار فى أصحاب المذاهب الاربعة ومقلديهم.

ثم قال وهذه الانواع من الترجيح معتبرة أيضا بالنسبة الى أئمة المذهب.

قال ابن أبى زيد فى أول النوادر ان كتابه اشتمل على كثير من اختلاف المالكيين.

قال ولا ينبغى الاختيار من الاختلاف للمتعلم ولا للمقصر ومن لم يكن فيه محل لاختيار القول فله فى اختيار المفتين من أصحابنا من نقادهم مقنع مثل سحنون وأصبغ وعيسى بن دينار ومن بعدهم مثل ابن المواز وابن عبدوس وابن سحنون وابن المواز أكثرهم تكلفا للاختيارات وابن حبيب لا يبلغ فى اختياراته وقوة رواياته مبلغ من ذكرنا.

[مذهب الشافعية.]

فى أداب المفتى مسائل (١).

احداها: الافتاء فرض كفاية فاذا استفتى وليس فى الناحية غيره تعين


(١) المجموع شرح المهذب للنووى ج‍ ١ ص ٤٥ وما بعدها الطبعة السابقة.