للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بين أن ما يجرى مجرى التكملة والتتمة لهذه الخمسة فهو أقل منها، وذلك اذ يقول: أما ما يجرى مجرى التكملة والتتمة لهذه المرتبة فكقولنا: المماثلة مرعتة فى استيفاء القصاص، لانه مشروع للزجر والتشفى، ولا يحصل ذلك الا بالمثل، وكقولنا القليل من الخمر انما حرم لانه يدعو الى الكثير منه فيقاس عليه النبيذ، فهذا دون الاول، ولذا اختلفت فيه الشرائع، أما تحريم السكر فلا تنفك عنه شريعة، لان السكر يسد باب التكليف والتعبد.

ثم تطرق الى بقية بيان رتب المصلحة على ما سنبينه فى موضعه.

ونقل الشوكانى (١) عن الخوارزمى:

أن المراد بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع بدفع الفاسد عن الخلق.

ونقل عن الغزالى أنها هى أن يوجد معنى يشعر بالحكم مناسب عقلا، ولا يوجد أصل متفق عليه.

ونقل عن ابن برهان أنها هى مالا يستند الى أصل كلى ولا جزئى.

وقد عرفها نجم الدين الطوفى فقال (٢) انها بحسب العرف هى السبب المؤدى الى الصلاح والنفع، كالتجارة المؤدية الى الربح.

وبحسب الشرع هى السبب المؤدى الى مقصود الشارع عبادة أو عادة.

علاقة المصلحة بالتشريع

فى مختلف مصادره:

نبين هذه العلاقة أولا بالنسبة للمصادر الاصلية ثم بالنسبة للمصادر التبعية.

أولا - بالنسبة للمصادر الاصلية:

يتجه جمهور الاصوليين الى أن هناك ارتباطا بين المصلحة وما نص عليه من الاحكام فى المصادر الاصلية.

يقول الشاطبى (٣): فى الرد على الرازى الذى يقول: ان أحكام الله ليست معللة بعلة البتة، كما أن أفعاله كذلك والمعتمد هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد استقراء لا ينازع فيه الرازى ولا غيره فان الله تعالى يقول فى بعثة الرسل: «رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ} (٤) ويقول «وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ» (٥).

ثم قال الشاطبى: وأما التعاليل لتفاصيل الاحكام فى الكتاب والسنة فأكثر من أن تحصى.


(١) ارشاد الفحول ص ٢٢٥ الطبعة الاولى مطبعة السعادة.
(٢) رسالة الامام الطوفى مطبعة جامعة الازهر سنة ١٩٦٦ م.
(٣) الموافقات ج‍ ٢ ص ٢ المطبعة السلفية بمصر.
(٤) الآية: ١٦٥ النساء.
(٥) سورة الأنبياء: ١٠٧.