للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع أنه لا تصح هبة مجهول لا يتعذر علمه كالحمل فى البطن واللبن فى الضرع والصوف على الظهر للجهالة وتعذر التسليم ومتى أذن رب شاة لانسان فى جز الصوف وحلب الشاة كان اباحة لصوفها ولبنها لا هبة وان وهب دهن سمسمه وهو الشيرج قبل عصره أو زيت زيتونه قبل عصره لم يصح كاللبن فى الضرع وأولى لكلفة الاعتصار، ولو قال خذ من هذا الكيس ما شئت كان له أخذ ما به جميعا، ولو قال خذ من هذه الدراهم ما شئت لم يملك أخذها كلها اذ الكيس ظرف فاذا أخذ المظروف حسن أن يقال أخذ من الكيس ما فيه ولا يحسن أن يقال أخذت من الدراهم كلها قاله ابن الصيرفى فى النوادر.

ولا تصح هبة المعدوم كالذى تحمل أمته أو شجرته لأن المعدوم ليس بشئ فلا يقبل العقد فان تعذر علم المجهول كزيت اختلط‍ بزيت أو شيرج صحت هبته كصلح عنه للحاجة.

ولا تصح هبة ما لا يقدر على تسليمه كآبق وشارد وطير فى هواء وسمك فى ماء ومرهون لأن ذلك لا يتأهل للقبض والقبض من ماهية العقد فلا يقع العقد عليه (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أنه لا تجوز هبة الا فى موجود معلوم معروف القدر والصفات والقيمة والا فهى باطله مردودة وكذلك ما لم يخلق بعد كمن وهب ما تلد أمته أو شاته أو سائر حيوانه أو ما يحمل شجره العام وهكذا كل شئ، لأن المعدوم ليس شيئا والهبة والصدقة والعطية يقتضى كل ذلك موهوبا ومتصدقا فمن أعطى معدوما أو تصدق بمعدوم فلم يعط‍ شيئا ولا وهب شيئا ولا تصدق بشئ واذ لم يفعل كل ما ذكرنا فلا يلزمه حكم وقد حرم الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال الناس الا بطيب أنفسهم ولا يجوز أن تطيب النفس على ما لا تعرف صفاته ولا ما هو ولا ما قدره ولا ما يساوى وقد تطيب نفس المرء غاية الطيب على بذل الشئ وبيعه ولو علم صفاته وقدره وما يساوى لم تطب نفسه به فهذا أكل مال بالباطل فهو حرام لا يحل. وكذلك من أعطى أو تصدق بدرهم من هذه الدراهم أو برطل من هذا الدقيق أو بصاع من هذا البر فهو كله باطل، لما ذكرنا لأنه لم يوقع صدقته ولا هبته على مكيل بعينه ولا موزون بعينه ولا معدود بعينه فلم يهب ولا تصدق أصلا وكذلك لا يجوز شئ من ذلك لمن لا يدرى ولا لمن لم يخلق (٢).


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس الحنبلى ج ٢ ص ٤٧٩ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد ابن حزم ج ٩ ص ١١٦، ص ١١٧ مسئلة رقم ١٦٢٥ الطبعة السابقة.