للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ان كان ما يوجد له من غير نوع الديون التى عليه. أما ان كان ما يوجد له من مال من نوع ما عليه فانه ينصف الناس منه بغير بيع كمن عليه دراهم ووجدت له دراهم أو عليه طعام ووجد له طعام وهكذا فى كل شئ (١).

ويقسم مال المفلس الذى يوجد له بين الدائنين بالحصص بالقيمة على الدائنين الحاضرين الطالبين الذين حلت آجال حقوقهم فقط‍، فيأخذ كل واحد بقدر دينه مما وجد ولا يدخل فيهم حاضر لم يطلب ولا غائب لم يوكل، ولا حاضر ولا غائب لم يحل أجل دينه أو حقه - سواء طلب أو لم يطلب - لأن من لم يحل أجل حقه فلا حق له بعد، ومن لم يطلب يلزم أن يعطى ما لم يطلب، وقد وجب فرضا إيقاف الحاضر الطالب فلا يحل محل مفلس فما فوقه. وأما الميت مفلسا فإنه يقضى لكل من حضر أو غاب سواء طلبا أو لم يطلبا، ولكل ذى دين كان سواء كان حالا أو كان الى أجل مسمى، لأن الآجال كلها تحل بموت الذى له الحق أو الذى عليه الحق لما سبق ذكره فى أثر الافلاس فى حلول الدين المؤجل وأما من لم يطلب فلقوله تعالى فى المواريث: «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ» (٢).

فلا ميراث الا بعد الوصية والدين فواجب اخراج الديون الى اصحابها وكذلك الوصايا ثم يعطى الورثة حقوقهم مما بقى (٣). وحقوق الله مقدمة على حقوق الناس، فيبدأ بما فرط‍ فيه المفلس من زكاة أو كفارة فى الحى والميت بالحج فى الميت فإن لم يفى ماله كل عليه من حقوق ماله على كل هذه الحقوق بالحصص لا يبدى منها شى على شئ (٤). وذلك لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم «دين الله أحق أن يقضى وقوله أيضا: اقضوا الله فهو أحق بالوفاء (٥)».

وإن تلف مال المفلس بعد القضاء به للدائنين فضمانه من الدائنين ويسقط‍ عن المفلس من دينهم بقدر ذلك، لأن عين ماله قد صار لهم إن شاءوا اقتسموه بالقيمة وإن اتفقوا على بيعه بيع لهم

[مذهب الزيدية]

يجوز للقاضى أن يبيع على المفلس المحجور عليه ماله لقضاء دين الدائنين. وانما يفعل القاضى ذلك فى حالة تمرد المفلس وامتناعه عن بيع ماله بنفسه، أو عند غيبة يجوز معها الحكم. والاصل فى جواز بيع مال المفلس لافلاسه بما عليه من ديون هو ما سبق ذكره من الاحاديث والاجماع منعقد على جوازه. وحكى صاحب الكافى عن زيد بن على والناصر: أن القاضى لا يجوز له بيع مال المفلس بل يحبسه حتى يبيعه بنفسه إلا الدراهم والدنانير. وبناء على الاول - وهو المذهب - يستحب للقاضى احضار المفلس والدائنين عند البيع، لان المفلس أعرف بقيمة ماله ولعل فى الدائنين من يرغب فى شراء شئ من ماله فيرتفع الثمن لكثرة الطلب وان باع القاضى من غير حضور الجميع صح بيعه اذ الولاية اليه. كما يستحب أن يراضى المفلس الدائنين بمن نادى بالسلعة. لمعرفتهم الاصلح. واذا رضوا بمناد غير ثقة لم يقبله القاضى، اذ لا تؤمن خيانته.

ولا يستأجر ان وجد مجانا، ولا بأكثر ان وجد بأقل وأجرة السمسار وهو الدلال من بيت المال ان كان فى بيت المال فضله والا فمن مال المفلس لان العمل من أجله وينادى بكل متاع فى سوق جنسه ويقدم بيع ما يخشى فساده كاللحم والفواكه ونحوها، ثم الحيوان لتسقط‍ مؤنته ثم المنقول لخشية ذهابه ثم العقار ولا ينادى به بل يعرض بحسب العادة. ولا يبيع الا بنقد البلد.

واذا لم يوجد من يشترى مال المفلس الا بعين ظاهر فللقاضى أن يمتنع من بيعه مدة يقدرها برأيه أو حسب القرائن حتى يأتى يوم السوق أو نحو ذلك.

قال فى البيان «واذا طلب الدائنون تأخير بيع ضيعة المفلس ونحوها حتى يستغلوها بما زاد من ديونهم على قيمتها ثم تباع بباقى ديونهم فلهم ذلك. ويندب للقاضى طلب الاقالة ان حصل من زاد فى الثمن بعد تمام البيع، ولا يجبر المشترى على الاقالة والمفلس


(١) المحلى ج ٨ ص ٦٢٤ مسألة رقم ١٢٧٦
(٢) الاية رقم ١٢ من سورة النساء
(٣) المحلى ج ٨ ص ٦٣٤ مسألة رقم ١٢٨٠
(٤) المحلى ج ٨ ص ٦٣٥ مسألة رقم ٣٣٨٢
(٥) لم اعثر له على تخريج.