للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الى بيان مكان ايفائه عند أبى حنيفة (١)، وعند أبى يوسف ومحمد لا يشترط‍ ذلك، ويتعين مكان العقد للايفاء فاذا لم يبين مكان الايفاء فسد العقد عند الامام، أما عند صاحبيه فلا يفسد، وانما يكون مكان الايفاء مكان العقد حيث تكون العين المستأجرة كالدار والأرض، أما فى الاجارة على العمل فحيث يوفى العمل، وفى الحمل حيث استوفى المؤجر، فكلما حمل له مسافة أخذ حصته من الأجر مع مراعاة أن تكون هذه المسافة مما يستأجر عليها عادة، وهذا اذا لم يعين للوفاء مكان، فاذا تضمن العقد تعيينه وجب أن يكون الوفاء فيه واذا كان الأجر مما ليس له حمل ولا مئونة فان المؤجر يطلبه من المستأجر حيث وجده بعد أن يكون قد استحقه، واذا كان الأجر عينا معينة أشير اليها أو وصفت بما يعينها كأن تستأجر دار للسكنى سنة نظير هذه الدابة وجب تسليمها عند استحقاقها، أما اذا كان دينا فانه يثبت فى الذمة بالعقد وذلك كالنقود أو المثليات أو المنافع وحينئذ فقد يكون حالا واجب الوفاء عند استحقاقه، وقد يكون مؤجلا اذا شرط‍ فى العقد تأجيله الى أجل معين وعندئذ يوفى عند حلول أجله ويصح حينئذ تعجيله وذلك بدفعه قبل أجله كما يصح اشتراط‍ تعجيله فى العقد وعندئذ يجب أداؤه قبل الانتفاع والتمكن منه، غير أن ذلك لا يصح الا اذا كانت الاجارة منجزة أما اذا كانت مضافة فان شرط‍ التعجيل يكون شرطا فاسدا مفسدا للعقد (٢) لأنه يتنافى مع مقتضاه فان مقتضاه ارجاء آثاره الى الوقت الذى أضيف اليه، ومن آثاره تملك الأجرة وأداؤها فيكونان مرجأين الى ذلك الوقت فلا يصح مخالفة هذا المقتضى باشتراط‍ تعجيلها لأنه الغاء لمقتضى العقد، ولاشتراط‍ تعجيل الأجرة وتأجيلها أثر فى حكم الاجارة يبين فى حكمها، والأجر المسمى هو ما تم الاتفاق عليه فى العقد بين المتعاقدين ويستحق فى العقد الصحيح بانتفاع المستأجر أو بتمكنه من الانتفاع، وأجر المثل هو ما تقوم به المنفعة فى عرف الناس وتعاملهم، ويجب بالانتفاع فعلا فى الاجارة الفاسدة بسبب جهالة التسمية أو جهالة المنفعة كما يجب لوصى مقابل عمله اذا لم يقدر له أجر ولا يعمل مثله الا بأجر، وللمضارب فى المضاربة الفاسدة بسبب مشاركة رب المال له فى العمل (٣)، ومن القواعد التى ذهب اليها الحنفية لا يجتمع أجر وضمان فلا أجر على المستأجر اذا انتفع بالعين المستأجرة انتفاعا خلاف ما تم عليه العقد لأنه بمخالفته العقد لم يصر أمينا وكانت يده على العين يد ضمان.

[مذهب المالكية]

يشترط‍ المالكية فى الأجر ما يشترطونه فى الثمن وهو أن يكون ما لا متقوما طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه معلوما ذاتا وأجلا أو حلولا على وضع لا يؤدى الى النزاع، وعلمه ذاتا يكون اما بوصفه وذلك ببيان جنسه ونوعه وقدره واما برؤيته والاشارة اليه، وعلمه أجلا يكون ببيان


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ١٩٣، والهندية ج‍ ٤ ص ٤١٢ عن محيط‍ السرخسى.
(٢) الدر المختار وابن عابدين ج‍ ٥ ص ٧.
(٣) الدر المختار وابن عابدين ج‍ ٥ ص ٥٠٣، ج‍ ٤ ص ٣٨٣ طبعة الحلبى.