للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرب خمرا لا ساغة الغصة اذا خاف على نفسه الهلاك منها (١) لأن اساغة الغصة بالخمر واجبة اذا خاف على نفسه الهلاك ولم يجد غيرها (٢).

أما شرب الخمر لازالة العطش الشديد فغير جائز عند المالكية اذ روى عن الامام مالك أنه قال: لا يشربها ولن تزيده الا عطشا (٣) كما لا يجوز استعمال الخمر لأجل دواء ولو لخوف الموت ولو طلاء بها فى جسده ولو خلطها بشئ من الدواء الجائز (٤).

وقد وفق بعض فقهاء المالكية بين تحريم الخمر للتداوى وللجوع والعطش وبين جواز استعمالها للضرورة عندهم فقال: واذا قلنا أنه لا يجوز التداوى بها ويجوز استعمالها للضرورة فالفرق ان المتداوى لا يتيقن البرء (٥) بها وانما جاز شرب الخمر لاساغة الغصة ولم يجز لخوف موت بجوع أو عطش لزوال الغصة بالخمر تحقيقا أو ظنا قويا بخلاف الجوع والعطش فانهما لا يزالان به بل يزيدان لما فى طبعها من الحرارة والهضم (٦).

[مذهب الشافعية]

جاء فى اسنى المطالب: لا يحد مكره لشربه أى المسكر من خمر وغيره ..

ولا مسيغ أى مزدرد لقمة به حين غص بفتح الغين أى شرق ولم يجد غيره مما تحصل به الاساغة وخاف الهلاك ان لم يفعل ويجوز له حينئذ اساغتها به بل يجب دفعا للهلاك، فلو شربها أى الخمر لتداو أو لدفع جوع أو عطش اثم وان لم يجد غيرها ..

ولا حد عليه لشربها لذلك، وهذا ما اختاره النووى فى تصحيحه فى التداوى ومثله ما بعده من العطش وغيره.

وجاء فى موضع آخر من نفس الكتاب وشرب الخمر .. للعطش وللتداوى حرام وان لم يجد غيرها لعموم النهى عن شربها ولأن بعضها يدعو الى بعض ولأن شربها لا يدفع العطش بل يزيده وان سقته فى الحال ولقوله صلّى الله عليه وسلم لما سئل عن التداوى بالخمر انه ليس بدواء لكنه داء - رواه مسلم وروى ابن حبان فى صحيحه «ان الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ثم محل ذلك اذا لم ينته به الأمر الى الهلاك والا فيتعين شربها كما يتعين على المضطر أكل الميتة.

ومحل التداوى بها اذا كانت خالصة بخلاف المعجون بها كالترياق لاستهلاكه


(١) الشرح الكبير للدردير ج ٤ ص ٣٥٣.
(٢) حاشية الدسوقى ج ٤ ص ٣٥٣.
(٣) التاج والاكليل لمختصر خليل ج ٣ ص ٢٣٣.
(٤) الشرح الكبير ج ٤ ص ٣٥٣ - ٣٥٤.
(٥) التاج والاكليل ج ٣ ص ٢٣٣.
(٦) حاشية الدسوقى ج ٤ ص ٣٥٣.