للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهب المالكية:

[الاكراه عند المالكية]

الاكراه عند المالكية على نوعين: أولهما:

اكراه ملجئ وهو الذى لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار كالقاء شخص من شاهق على شخص ليقتله. فالشخص الملقى لا قدرة له على الوقوع لا فعلا ولا تركا. فلا اختيار له فى ذلك وهذا النوع من الاكراه يمنع التكليف بالفعل الملجأ اليه وبنقيضه لأن المكره عليه واجب الوقوع وضده ممتنع والتكليف بواجب الوجود أو الممتنع الوجود محال.

وهناك رأى ضعيف يرى جواز تكليف الملجأ بناء على جواز التكليف بما لا يطاق. وعلى هذا فالمكره (بالفتح) الملجأ هو: من يدرى ولا مندوحة له عن ما الجئ اليه.

ثانيهما: اكراه غير ملجئ وهو الذى لا ينتهى الى حد الالجاء كما لو قيل لشخص ان لم تقتل هذا قتلتك وعلم الشخص انه ان لم يفعل قتله المكره (بالكسر) لأن هذا ليس فيه سلب للاختيار وهذا النوع لا يمنع التكليف بعين الفعل المكره عليه ولا بنقيضه سواء كان الفعل المكره عليه طاعة أو معصية لأن الفعل المكره عليه ممكن والفاعل متمكن وهذا النوع من الاكراه يسقط‍ الرضا فقط‍ وتبقى معه القدرة والاختيار وعلى هذا فالمكره (بالفتح) غير الملجأ هو الذى لا مندوحة له عن ما أكره عليه الا بالصبر على ما أكره به (١).

الاكراه غير الملجئ عند المالكية نوعان:

أحدهما شرعى والآخر غير شرعى.

[تعريف الاكراه الشرعى وحكمه]

الاكراه الشرعى عبارة عن اكراه على الفعل الذى تعلق به حق لمخلوق الذى به الفتوى وهو مذهب المدونة أنه طوع يقع به نحو طلاق، فلو حلف بالطلاق لا تخرج زوجته فاخرجها قاض لتحلف اليمين أمامه أو حلف بالطلاق فى نصف عبد يملكه ألا يبيعه فأعتق شريكه نصفه تقوم عليه نصيب الحالف وكمل به عتق الشريك كذلك لو حلف لا يشترى نصيب شريكه فى العبد فأعتق الحالف نصيبه قوم عليه نصيب شريكه لتكميل عتقه. كذلك اذا حلف لا ينفق على زوجته أو لا يطيع أبويه. أو لا يقضى فلانا دينه الذى عليه فأكرهه القاضى على الانفاق عليها. أو على طاعة أبويه. أو على قضاء الدين لزمه الطلاق خلافا لليمين حيث قال بعدم لزوم الطلاق اختاره صاحب المختصر.

[تعريف الاكراه غير الشرعى وحكمه]

الاكراه غير الشرعى هو اكراه على فعل لا يتعلق به حق لمخلوق وقد اختلف المالكية فى حكمه فقال جمهورهم انه لا يؤثر فى الفعل فيجعله لاغيا فلا يحنث اذا حلف بالطلاق لا يدخل دارا فأكره على دخولها أو حمل وأدخلها مكرها (٢).


(١) راجع فى هذا نهاية السول شرح منهاج الأصول مع حاشية بخيت ج‍ ١ ص ٣٢١ وجمع الجوامع وحواشيه ج‍ ١ ص ٧١ وما بعدها والأحكام للآمدى ج‍ ١ ص ٨٠.
(٢) راجع حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٢ ص ٣٦٧.