للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{حُرُماً» وقال تعالى: «وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا» (١) فسمى تعالى كل ماء عذب أو ملح بحرا، وحتى لو لم تأت هذه الآية لكان صيد البر والبحر والنهر وكل ما ذكرنا حلالا بلا خلاف بنص القرآن ثم حرم بالاحرام صيد البر ولم يحرم صيد البحر فكان ما عدا صيد البر حلالا كما كان اذا لم يأت ما يحرمه (٢).

حكم صيد الحرم:

جاء فى المحلى ان من تصيد صيدا فى الحرم سواء كان محرما أو محلا فان ذلك الصيد يكون جيفة لا يحل أن يأكله (٣) لما روينا من طريق البخارى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم افتتح مكة فذكر كلاما فيه:

«هذا بلد حرمه الله عز وجل يوم خلق السموات والأرض وهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده» ومن طريق مسلم عن سعد بن أبى وقاص رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: انى أحرم ما بين لابتى المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها» فصح ان كل صيد قتل فى حرم المدينة أو فى حرم مكة فهو غير ذكى (٤).

ولو أن كتابيا قتل صيداً فى الحرم لم يحل أكله لقول الله عز وجل «وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ» (٥) فوجب أن يحكم عليهم بحكم الله تعالى على المسلمين (٦).

مذهب الزيدية:

حكم صيد المحرم:

جاء فى شرح الأزهار: أنه يحرم على المحرم أن يأكل صيد البر فقط‍ سواء اصطاده هو أم محرم غيره أم حلال له أم لغيره، فأكله محظور فى ذلك عندنا أما الصيد البحرى فانه يجوز للمحرم أن يقتله وان يأكله، فان كان القاتل حلالا والدال محرما فى الحل فلا شئ على القاتل وعلى الدال الجزاء ولا يحل أكل الصيد لأن الدلالة سبب يؤثر فى تحريم أكله والقياس الحل وهو ظاهر كلام أهل المذهب (٧).


(١) الآية رقم ١٢ من سورة فاطر.
(٢) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٢٣٥، ص ٢٣٦ مسئلة رقم ٨٨٣ نفس الطبعة المتقدمة.
(٣) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٢١٤ مسئلة رقم ٨٧٦ نفس الطبعة المتقدمة.
(٤) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٢٣٦ الطبعة السابقة، ص ٢٣٧ مسئلة رقم ٨٨٥ الطبعة المتقدمة.
(٥) الآية رقم ٤٩ من سورة المائدة.
(٦) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٢١٩ مسئلة رقم ٨٧٧ الطبعة المتقدمة.
(٧) شرح الأزهار ج ٢ ص ٨٩ وما بعدها الى ص ٩٥ الطبعة السابقة.