للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحث: مصطلح "انتحار"

[التعريف في اللغة]

جاء في (١) لسان العرب: نحر النحر الصدر والنحور الصدور قال ابن سيده نحر الصدر أعلاه وقيل هو موضع القلادة منه وهو المنحر ونحره نحرًا ينحره أصاب نحره ونحر البعير ينحره نحرًا طعنه في منحره حيث يبدو الحلقوم من أعلى الصدر؛ ويوم النحر عاشر ذى الحجة يوم الأضحى لأن البُدن تنحر فيه، وتناهد القوم على الشئ وانتحروا تشاحوا عليه فكاد بعضهم ينحر بعضًا من شدة حرصهم وتناحروا في القتال، ونحر النهار أوله وأثبته في نحر النهار رأى في أوله وكذلك في نحر الظهيرة. ونحر الرجل في الصلاة ينحر انتصب ونهد صدره وقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (٢) قيل هو وضع اليمين على الشمال في الصلاة؛ وقيل معناه وانحر البدن؛ وقيل أمر بأن ينتصب بنحره بإزاء القبلة وأن لا يلتفت يمينًا ولا شمالًا. والنحر النحرير الحاذق الماهر المجرب؛ والنحر في اللبة مثل الذبح في الحلق ورجل منحار وهو للمبالغة يوصف بالجود ويقال انتحر الرجل أي نحر نفسه وفى المثل سرق السارق فانتحر، وانتحر قتل نفسه.

[التعريف عند الفقهاء]

لا يعبر الفقهاء بلفظ الانتحار وإنما يعبرون بلفظ القتل فالمنتحر هو قاتل نفسه ومن ذلك ما جاء في الهداية وشروحها (٣) أنه إن قتلت حرة نفسها قبل أن يدخل بها زوجها فلها المهر، وما جاء في (٤) المهذب: أنه من قتل نفسه خطأ لم تجب الدية بقتله ولا تحمل العاقلة ديته لما روى أن عوف بن مالك الأشجعى ضرب مشركًا بالسيف فرجع عليه فقتله فامتنع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة عليه وقالوا قد أبطل جهاده فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل مات مجاهدًا ولو وجبت الدية على عاقلته لبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ولقاتل نفسه بعض الأحكام التي تتعلق به في الدنيا، أما في الآخرة فإنه يؤخذ بجنايته على نفسه فقد ورد في البخارى (٥) ومسلم والترمذى عن أبى هريرة - رضى الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من تردى (٦) من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا ومن تحسى (٧) سمًا فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا فيها أبدًا ومن قتل نفسه بحديدة في يده يتوجأ (٨) بها في نار


(١) لسان العرب للإمام العلامة أبى الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الافريقى المصرى جـ ٢٣ من ١٩٥، ص ١٩٦ طبع مطابع دار صادر دار بيروت للطباعة والنشر الطبعة الأولى سنة ١٢٧٥ هـ، سنة ١٩٥٦ م.
(٢) الآية رقم ٢ من سورة الكوثر.
(٣) شرح فتح القدير للإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسى المعروف بابن الهمام جـ ٢ ص ٤٩٣ في كتاب على هامش شرح العناية على الهداية للإمام أكمل الدين محمد بن محمود البابرتى مع حاشية المولى المحقق سعد الله بن عيسى الشهير بسعدى جلبى وسعدى افندى طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر سنة ١٣١٥ هـ الطبعة الأولى.
(٤) المهذب للشيخ الإمام الموفق أبى إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى جـ ٢ ص ٢١٢ وقد وضع بأسئلة النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.
(٥) الترغيب والترهيب من الحديث الشريف للإمام الحافظ زكى الدين عبد العظيم بن عبد القوى المنذرى جـ ٣ ص ٢٠٠، ص ٣٠١ طبع مطبعة شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر الطبعة الثانية سنة ١٣٧٣ هـ سنة ١٩٥٤ م.
(٦) تردى: أي رمى بنفسه من الجبل أو غيره فهلك.
(٧) تحسى: أي شرب سمًا.
(٨) يتوجأ بالهمز أي يضرب بها نفسه.