للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قاتل دون أهله أو ماله فقتل فهو شهيد.

وهل يجب عليه الدفع؟ ينظر فيه.

فان كان فى المال يجوز أباحته.

وان كان فى أهله وجب عليه الدفع لأنه لا يجوز اباحته.

وان كان فى النفس ففيه وجهان.

أحدهما أنه يجب عليه الدفع لقول الله تبارك وتعالى «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ١».

والثانى أنه لا يجب لأن عثمان رضى الله تعالى عنه لم يدفع عن نفسه ولأنه ينال الشهادة اذا قتل فجاز له ترك الدفع لذلك.

واذا أمكنه الدفع بالصياح والاستغاثة لم يدفع باليد وان كان فى موضع لا يلحقه الغوث دفعه باليد فان كان لن يندفع باليد دفعه بالعصا فان لم يندفع بالعصا دفعه بالسلاح فان لم يندفع الا باتلاف عضو دفعه باتلاف العضو.

فان لم يندفع الا بالقتل دفعه بالقتل.

وان عض يده ولم يمكنه تخليصها الا بفك لحييه فك لحييه.

وأن لم يندفع الا بأن يبعج جوفه بعج.

[رابعا - حكم الاغاثة فى حال البغى]

جاء فى المهذب (٢): انه أن اقتتل فريقان من أهل البغى فان قدر الامام على قهرهما لم يعاون واحدا منها لأن الفريقين على الخطأ.

وان لم يقدر على قهرهما ولم يأمن أن يجتمعا على قتاله ضم الى نفسه أقر بهما الى الحق.

فان استويا فى ذلك اجتهد فى رأيه فى ضم أحدهما الى نفسه ولا يقصد بذلك معاونته على الآخر بل يقصد الاستعانة به على الاخر فاذا انهزم الاخر لم يقاتل الذى ضمه الى نفسه حتى يدعوه الى الطاعة لأنه حصل بالاستعانة به فى أمانه.

[خامسا - حكم اغاثة المضطر]

جاء فى المهذب (٣)، أنه أن اضطر الى طعام غيره وصاحبه غير مضطر اليه وجب عليه بذله لأن الامتناع عن بذله اعانة على قتله.

وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم من أعان على قتل امرئ مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه أيس من رحمة الله.

وان طلب منه ثمن المثل لزمه أن يشتريه منه.

ولا يجوز أن يأكل الميتة لأنه غير مضطر.

فان طلب أكثر من ثمن المثل أو امتنع من بذله فله أن يقاتله عليه.

فان لم يقدر على مقاتلته فاشترى منه بأكثر من ثمن المثل ففيه وجهان.

أحدهما: يلزمه لأنه ثمن فى بيع صحيح.

والثانى: لا يلزمه الا ثمن المثل كالمكره على شرائه فلم يزمه أكثر من ثمن المثل، وجاء فى مغنى المحتاج (٤): أنه لا أجرة لمن خلص مشرفا على الهلاك بوقوعه فى ماء أو نار أو نحوه بل يلزمه تخليصه بلا أجرة لضيق الوقت عن تقدير الأجرة فان اتسع الوقت لتقديرها لم يجب تخليصه الا بأجرة.


(١) الآية رقم ١٥ من سورة الأنفال.
(٢) المهذب لأبى اسحاق الشيرازى ج‍ ٢ ص ٢١٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٢٥ وما بعدها الطبعة السابقة ومغنى المحتاج الى شرح معرفة الفاظ‍ المنهاج ج‍ ٤ ص ٢٨٣ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) مغنى المحتاج للشربينى الخطيب ج‍ ٤ ص ٢٨٤ وما بعدها الطبعة السابقة.