للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الزيدية]

متى استغنى الصبى بنفسه فالأب أولى بالذكر والأم أولى بالأنثى فان تزوجت الأم فمن يليها من الحواضن فان تزوج الحواضن خير الصبى بين الأم والعصبة فمن اختاره كان أولى بحضانته، واذا اختار أحدهما أولا ثم اختار الآخر فانه ينقل الى من اختار ثانيا وثالثا ورابعا وان كثر، والاختيار يتجدد فى كل وقت، وفى الانتصار: ان كثر تردده بحيث يدل على قلة التخيير فانه يرد الى أمه لأنها أشفق به (١) «انظر حضانة».

[اختيار الامام فيما يفعله بالأسرى]

اختلف الفقهاء فيما يجوز للامام أن يفعله بالأسرى.

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية: وأما الرقاب فالامام فيها بين خيارات ثلاث ان شاء قتل الأسارى منهم وهم الرجال المقاتلة وسبى النساء والذرارى لقوله تبارك وتعالى «فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ ٢» وهذا بعد الأخذ والأسر لأن الضرب فوق الأعناق هو الابانة من المفصل ولا يقدر على ذلك حال القتل ويقدر عليه بعد الأخذ والأسر وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما استشار الصحابة الكرام رضى الله تعالى عنهم فى أسارى بدر فأشار بعضهم الى الفداء وأشار سيدنا عمر رضى الله عنه الى القتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو جاءت من السماء نار مانجا الا عمر، أشار عليه الصلاة والسلام الى أن الصواب كان هو القتل وكذا روى أنه عليه الصلاة والسلام أمر بقتل عقبة بن أبى معيط‍ والنضر بن الحارث يوم بدر وبقتل هلال بن خطل ومقيس بن صباية يوم فتح مكة ولأن المصلحة قد تكون فى القتل لما فيه من استئصالهم فكان للامام ذلك وان شاء استرق الكل فخمسهم وقسمهم لأن الكل غنيمة حقيقة لحصولها فى أيديهم عنوة وقهرا بايجاف الخيل والركاب فكان له أن يقسم الكل الا رجال مشركى العرب والمرتدين فانهم لا يسترقون عندنا بل يقتلون أو يسلمون، وأما النساء والذرارى منهم فيسترقون كما يسترق نساء مشركى العجم وذراريهم لأن النبى عليه الصلاة والسلام استرق نساء هوازن وذراريهم وهم من صميم العرب وكذا الصحابة استرقوا نساء المرتدين من العرب وذراريهم وان شاء منّ عليهم وتركهم أحرارا بالذمة كما فعل سيدنا عمر رضى الله عنه بسواد العراق الا مشركى العرب والمرتدين فانه لا يجوز تركهم بالذمة وعقد الجزية كما لا يجوز بالاسترقاق لما بينا، وهل للامام أن يفادى الأسارى؟ أما المفاداة بالمال فلا تجوز عند أصحابنا فى ظاهر الروايات وقال محمد مفاداة الشيخ الكبير الذى لا يرجى له ولد تجوز (٣).

[مذهب المالكية]

وقال المالكية للامام أن يختار ما فيه المصلحة للمسلمين بالنسبة للأسرى اما بالقتل


(١) شرح الازهار ح‍ ٢ ص ٥٣١، ٥٣٢.
(٢) سورة الانفال: ١٢.
(٣) بدائع الصنائع ح‍ ٧ ص ١١٩.