للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال له الحاكم: ان اجبت والا جعلتك ناكلا.

والمستحب أن يقول له ذلك ثلاثا، فان لم يجب جعله ناكلا وحلف المدعى وقضى له لأنه لا يخلو اذا أجاب من أن يقر أو ينكر فان أقر فقد قضى عليه بما يجب على المقر وان انكر فقد وصل انكاره بالنكول عن اليمين فقضينا عليه بما يجب على المنكر اذا نكل عن اليمين (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى أن المدعى اذا ذكر أن بينته بعيدة منه اولا يمكنه احضارها أو لا يريد اقامتها فطلب اليمين من المدعى عليه احلف له، فاذا حلف ثم أحضر المدعى بينته حكم له وبهذا قال شريح والشعبى رضى الله تعالى عنهما لقول عمر رضى الله تعالى عنه:

«البينة الصادقة أحب الى من اليمين الفاجرة»، وظاهر هذه البينة الصدق ويلزم من صدقها فجور اليمين المتقدمة فتكون اولى، ولأن كل حالة يجب عليه الحق فيها باقراره يجب عليه بالبينة كما قبل اليمين.

وحكى عن ابن ابى ليلى رحمه الله تعالى أن بينته لا تسمع لأن اليمين حجة المدعى عليه فلا تسمع بعدها حجة المدعى كما لا تسمع يمين المدعى عليه بعد بينة المدعى وهذا لا يصح لأن البينة الأصل واليمين بدل عنها ولهذا لا تشرع الا عند تعذرها والبدل يبطل بالقدرة على المبدل كبطلان التيمم بالقدرة على الماء ولا يبطل الاصل بالقدرة على البدل ويدل على الفرق بينهما انهما حال اجتماعهما وامكان سماعهما تسمع البينة ويحكم ولا تسمع اليمين ولا يسأل عنهما (٢). فان طلب المدعى حبس المدعى عليه او اقامة كفيل به الى ان تحضر بينته البعيدة لم يقبل منه ولم يكن له ملازمة خصمه، نص عليه الامام أحمد رحمه الله تعالى لأنه لم يثبت له قبله حق يحبس به ولا يقيم به كفيلا، ولأن الحبس عذاب فلا يلزم معصوما لم يتوجه عليه حق ولأنه لو جاز ذلك لتمكن كل ظالم من حبس من شاء من الناس بغير حق.

وان كانت بينته قريبة فله ملازمته حتى يحضرها لأن ذلك من ضرورة اقامتها فانه لو لم يتمكن من ملازمته لذهب من مجلس الحاكم ولا تمكن اقامتها الا بحضرته ولأنه لما تمكن من احضاره مجلس الحاكم ليقيم البينة عليه تمكن من ملازمته فيه حتى تحضر البينة، وتفارق البينة البعيدة أو من لا يمكن حضورها فان الزامه الاقامة الى حين حضورها يحتاج الى حبس او ما يقوم مقامه ولا سبيل اليه (٣).

وان قال المدعى لى بينة حاضرة وأريد


(١) المرجع السابق ج ٢ ص ٣٠٣ نفس الطبعة السابقة ..
(٢) المغنى لموفق الدين أبى محمد عبد الله بن أحمد بن محمود بن قدامه على مختصر أبى القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقى ج ١٢ ص ١١٠، ١١١ فى كتاب أسفله الشرح الكبير على متن المقنع لشمس الدين أبا الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر بن أحمد بن قدامه، الطبعة الأولى طبع مطبعة المنار فى مصر سنة ١٣٤٨ هـ‍ ..
(٣) المرجع السابق ج ١٢ ص ١١١ نفس الطبعة ..