للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

احلاف المدعى عليه ثم اقيم البينة عليه ففيه وجهان.

احدهما: له ذلك ويستحلف خصمه لأنه يملك استحلافه اذا كانت بينته بعيدة فكذلك اذا كانت قريبة، ولأنه لو قال لا أريد اقامة بينتى القريبة ملك استحلافه فكذلك اذا اراد اقامتها.

والثانى: لا يملك استحلافه لأن فى البينة غنية عن اليمين فلم تشرع معها، ولأن البينة أصل واليمين بدل فلا يجمع بين البدل والأصل كالتيمم مع الماء، وفارق البعيدة فانها فى الحال كالمعدومة للعجز عنها وكذلك التى لا يريد اقامتها لأنه قد تكون عليه مشقة فى احضارها أو عليها فى الحضور مشقة فيسقط‍ ذلك للمشقة بخلاف التى يريد اقامتها (١).

واذا نكل من توجهت عليه اليمين عنها وقال لى بينة اقيمها أو حساب استثبته لا حلف على ما اتيقن ذكر أبو الخطاب رحمه الله تعالى انه لا يمهل وان لم يحلف جعل ناكلا.

وقيل لا يكون ذلك نكولا ويمهل مدة قريبة.

وان قال: ما أريد ان احلف أو سكت فلم يذكر شيئا نظرنا فى المدعى به.

فان كان مالا أو المقصود منه المال قضى عليه بالنكول ولم ترد اليمين على المدعى نص عليه الامام احمد رحمه الله تعالى، ويدل لذلك قول النبى صلّى الله عليه وسلّم:

«ولكن اليمين على جانب المدعى عليه» فحصرها فى جانب المدعى عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه. «فجعل جنس اليمين فى جنبة المدعى عليه كما جعل جنس البينة فى جنبة المدعى».

وقال احمد رحمه الله تعالى قدم ابن عمر الى عثمان رضى الله تعالى عنهم فى عبد له فقال له أحلف انك ما بعته وبه عيب علمته فأبى ابن عمران يحلف فرد العبد عليه ولم يرد اليمين على المدعى، ولأنها بينة فى المال فحكم فيها بالنكول، كما لو مات من لا وارث له فوجد الامام فى دفتره دينا له على انسان فطالبه به فأنكره وطلب منه اليمين فأنكره فانه لا خلاف فى ان اليمين لا ترد، وقال ابن ابى ليلى: لا ادعه حتى يقر أو يحلف واختار ابو الخطاب رحمه الله تعالى ان له رد اليمين على المدعى ان ردها حلف المدعى وحكم له بما ادعاه، قال وقد صوبه احمد رحمه الله تعالى، فقال ما هو ببعيد يحلف ويستحق، وقال هو قول أهل المدينة روى ذلك عن على رضى الله تعالى عنه، وبه قال شريح والشعبى والنخعى وابن سيرين رحمهم الله تعالى فى المال خاصة، وقاله الشافعى فى جميع الدعاوى لما روى عن نافع عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم «رد اليمين على طالب الحق. رواه الدارقطنى ولأنه اذا نكل ظهر


(١) المرجع السابق ج ١٢ ص ١١١، ١١٢ نفس الطبعة ..