للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينتفى النسب عن الولد والأبوة عن الأب باللعان غالبا، وقد ينتفى الولد بدون لعان وذلك فى مسائل تأتى.

الأب هو الراعى الأول لأسرته والمسئول عن أولاده، فهم أمانة أودعها الله عنده، وفرض عليه حفظهم، وأوجب عليه أن يسعى فيما يصلحهم، ويجتهد فيما يقومهم، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالرجل راع فى أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية فى بيت زوجها وهى مسئولة عن رعيتها، والخادم راع فى مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والولد راع فى مال أبيه وهو مسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».

أمر الأب أولاده بالصلاة

وتعليمهم ما به تصح

أتفق الفقهاء على أنه يجب على الأب أن يأمر ولده بالصلاة لسبع، ويضربه ويؤدبه عليها لعشر، ويعلمه ما به تصح الصلاة من الطهارة وغيرها، فلا تجب الصلاة على صبى ولو مميزا (١) ويأمره الأب بها إذا ميز ولو قضاء لما فاته بعد التمييز ويضرب على تركها بعد عشر سنين لخبر: «مروا الصبى بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» أى: على تركها.

صححه الترمذى وغيره.

قال فى المجموع والأمر والضرب واجبان على الولى، أبا كان أو جدا أو وصيا أو قيما من جهة القاضى … قال الطبرى: ولا يقتصر على مجرد صيغة الأمر، بل لا بد من التهديد وقال فى الروضة: يجب على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الطهارة والصلاة والشرائع (٢)

وهذا الحكم يجرى فى الصوم ونحوه أيضا كما ذكره النووى فى شرح المهذب، ويعرف بطلب المأمورات وترك المنهيات، وأنه بالبلوغ يدخل فى التكليف ويعرفه ما يبلغ به. وقيل هذا التعليم مستحب والصحيح وجوبه.

والأمر والضرب فى حقه لتمرينه عليها حتى يألفها ويعتادها فلا يتركها بعد البلوغ.

وذهب الحنابلة إلى مثل ما سبق عن الشافعية، وزادوا وجوب تعليم الأولاد جميع ما يلزم من أمور الدين، وأجرة تعليمه من مال الطفل إن كان له مال، وإلا فعلى من تلزمه نفقته (٣).

وعند المالكية مثل ما سبق، إِلا أنهم قيدوا الضرب على ترك الصلاة ونحوها بما إذا ظن أَنه يفيد (٤).

وعند الظاهرية قال ابن حزم فى المحلى:

لا صلاة على من لم يبلغ من الرجال والنساء، ويستحب لو علموها إذا عقلوها.

ثم ساق أحاديث مثل ما سبق وزاد قول النبى صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ‍، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبى حتى يكبر». ثم قال: ويستحب أن يدرب عليها، فإذا بلغ عشر سنين أدب عليها (٥).


(١) شرح أبى شجاع ج‍ ١ ص ١٠.
(٢) شرح الخطيب: كتاب الصلاة.
(٣) كشاف القناع ج‍ ١ ص ١٥٧، ١٥٨.
(٤) الشرح الصغير ج‍ ١ ص ٨٩.
(٥) المحلى ج‍ ٢ ص ٢٣٢.