قصة العسيف لما قال لمن جاءه يطلبان البيان والقضاء بينهما بكتاب الله - والله لأقضين بينكما بكتاب الغنم والوليدة رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام - أغد يا أنيس الى امرأة هذا. فان اعترفت فارجمها وغدا اليها أنيس واعترفت وأمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم برجمها فرجمت - فعلق الرجم بمطلق الاقرار. فيصدق بمرة واحدة .. وترديده صلّى الله عليه وسلّم ماعز أربعا لانه شك فى امره .. ولذا قال: ابك جنون.
ولهذا لم يكرر اقرار الغامدية .. وعلم من الكلام فى اللسان ثبوته ايضا عليها بلعانه ان لم تلاعن ومما يأتى فى القضاء ان القاضى لا يحكم فيه بعلمه .. نعم للسيد استيفاؤه من عبده القن لعلمه لمصلحة تاديبه ولو اقر به ثم رجع عنه قبل الشروع فى الحد أو بعده وقبل تمامه بنحو رجعت أو كذبت أو مازنيت .. وان قال عبده كذبت فى رجوعى. أو كنت فأخذت فظننته زنا وان شهد حاله بكذبه فيما يظهر. بخلاف ما أقررت لأنه مجرد تكذيب للبينة الشاهدة به - سقط الحد لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم عرض لماعز بالرجوع فلولا أنه يفيد لما عرض له به بل قالوا له: انه عند رجمه طلب الرد عليه فلم يسمعوه فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم:
هلا تركتموه لعله يثوب. أى يرجع اذا التوبة لا تسقط الحد هنا - فيتوب الله عليه. ومن ثم من له الرجوع وافهم قوله - سقط عنه الحد - بفاء الاقرار بالنسبة لغيره كحد قاذفه فلا يجب الحد على من قذفه اذا أقر بالزنا ثم رجع عن اقراره بل يستصحب حكم اقراره فيه من عدم حد قاذفه لثبوت عدم احصانه ..
ولو أقر بالزنا وقامت عليه بينة بالزنا. ثم رجع عن الاقرار عمل بالبينة لا بالاقرار سواء تقدمت البينة على الاقرار أم تأخرت عنه خلافا للماوردى فى اعتبار أسبقهما. لأن البينة فى حقوق الله تعالى أقوى من الاقرار على عكس ما فى حقوق الآدميين وكالزنا فى قبول الرجوع عنه كل حد له تعالى كشرب وسرقة بالنسبة للقطع وأفهم كلامه عدم امكان الرجوع عنه عند ثبوته بالبينة وهو كذلك نعم يتطرق اليه السقوط بغير الرجوع كدعوى زوجته من نسب اليه الزنا بها أو ملك يمين فى امة. وظن كونها حليلته ونحو ذلك. ولو قال المقر: اتركونى: أو لا تحدونى أو هرب قبل حده أو فى اعقابه فلا يكون رجوعا فى الاصح لانه لم يصرح به.
نعم يجب تخليته حالا فان صرح فذاك. والا أقيم عليه الحد فان لم يخل لم يضمن لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يوجب عليهم شيئا فى خبر ماعز لما قال لهم: ردونى الى رسول الله. ولم يسمعوه .. ولو اقر زان بنحو بلوغ أو احصان ثم رجع وادعى صباه أو انه بكر فالمتجه عدم قبوله. وليس فى معنى ما مر لأنه تم رفع السبب بالكلية بخلافه هنا .. ولو ادعى المقر ان اماما استوفى الحد منه قبل منه ذلك وان لم ير أثره ببدنه.
وعلى قاتل الراجع دية لاقود لشبهة الخلاف فى سقوط الحد بالرجوع. وما ذكره الدارمى من وجوب القود مردود.
[الاقرار بالشرب]
جاء فى البحيرمى (١) - وحد بأقراره وبشهادة رجلين انه شرب سكرا. وان لم يقل وهو عالم مختار لأن الاصل عدم الجهل والاكراه.