للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واذا دخل المستعار فى ضمانه ثم أزال الخلاف وعاد الى الوفاق لا يبرأ عن الضمان، لأن المستعار لما دخل فى ضمان المستعير بالخلاف فقد ارتفع عقد الاعارة حينئذ فلا يعود الا بالتجديد ولم يوجد (١).

وقال زفر: يبرأ عن الضمان قياسا على الوديعة اذا تعدى فيها المودع، ثم أزال التعدى (٢).

[مذهب المالكية]

يجوز للمستعير أن يفعل بالمستعار ما أذن له فى فعله من المعير، ويفعل به أيضا مثل ما استعاره له ودونه فى الحمل والمسافة كأن استعار دابة ليحمل عليها اردب فول فحمل عليها أردب قمح، أو ليركبها لمكان كذا فركبها اليه من هو مثله أو ركبها الى مكان غيره مثله فى المسافة.

وقيل: ان المراد بالمثل الذى يباح للمستعير فعله المثل فى الحمل كيلا أوزنة.

وأما الذهاب بها فى مسافة أخرى مثل ما استعارها لها فلا يباح له ولا يجوز.

ويضمن ان عطبت كالاجارة على قول ابن القاسم، وهو الارجح لما فى كل منهما من فسخ المنافع فى مثلها وهو فسخ دين فى دين

ولا يجوز للمستعير أن يفعل بالمستعار ما هو أضر مما استعاره له، سواء كان ذلك الاضر أقل مما استعاره فى الوزن أو المسافة أو مساويا له أو أكثر، كما اذا استعار دابة ليحمل عليها قمحا فحمل عليها حديدا أقل منه وزنا ثم تارة يحمل عليها ما تعطب بمثله، وتارة ما لا تعطب به وفى كل اما أن تعطب واما أن تسلم.

فان زاد ما تعطب به وعطبت فعلا فصاحبها مخير حينئذ بين أن يضمن المستعير قيمتها يوم التعدى ولا شئ له غير ذلك. وبين أن يأخذ أجرة الزائد المتعدى فيه فقط‍. فان كانت أجرتها فيما استعارها له تساوى عشرة مثلا وأجرتها فيما حمل عليها تساوى خمسة عشر دفع المستعير الخمسة الزائدة على أجرة ما أستعارها له وخياره هذا ينفى ضرره.

وان زاد ما لا تعطب به فعطبت منه، أو تعبت أو سلمت، أو زاد ما تعطب به وسلمت فليس للمعير الا أجرة الزيادة فقط‍ فى الصور الاربع، ولا خيار له لأن عطبها حينئذ من أمر الله ليس من أجل الزيادة.

وان زاد ما تعطب به ولم تعطب، ولكن تعيبت فانه يلزم المستعير الأكثر من أجرة الزيادة وقيمة العيب. هذا اذا خالف المستعير وزاد فى المحمول.

أما اذا زاد فى المسافة فانه يضمن قيمتها ان عطبت، سواء كانت تعطب بمثلها أم لا.

وان تعيبت فللمعير الأكثر من أجره الزيادة وقيمة العيب.

وان سلمت فليس له على المستعير الا أجرة الزيادة فقط‍.

والفرق بين زيادة الحمل وزيادة المسافة:

ان زيادة المسافة من المستعير محض تعد


(١) البدائع ج ٦ ص ٢١٢، ٢١٦، ٢١٨
(٢) الجوهرة ج ١ ص ٣٥١