للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا إن أقامها لجماعة يصلون قعودا أو مومين لعذر مثله عند مجيز صلاتهم جماعة أو أقامها كذلك لمن يصلى قائما بلا ايماء عند مجيز هذا مطلقا أو مع الامام العادل ويجوز لكل أحد أن يقيمها قاعدا صحيحا ولكن يقوم إذا بلغ حى على الصلاة فيقوله قائما ثم قال وتجزئ اقامة فذ لنفسه دخل معه غيره فى الصلاة وإن لم يحضرها ولم يقل أقمت ويصدقه إن قال أقمت بل يجزيه أن يحمله على أنه أقام ولو لم يقل هو أو غيره معهم سواء أو مع جماعة أخرى وتجزى اقامة جماعة من لم يصل معها كذا أطلق العلماء ولعل ذلك قبل انتقاض الصفوف وفى القواعد من دخل فى المسجد قبل أن ينقض الصفوف فإنه يكتفى باقامة الجماعة وقال من قال إن لم يدخل معهم فليقم وحده قلت هو الصحيح وظاهر اطلاقهم إن من قال تجزيه يقول سواء اتصل بصف أم لا وقيل الاجزاء خاص بالمسجد وقيل خاص بصلاة لا يركع قبلها وبالمسجد معا، ومن أقام بنية الثواب أو ذاهلا بلا نية لصلاة معينة أجزأته وإن نوى بها صلاتين صحت للأولى وقيل لا تصح لواحدة وهو أصح، ثم قال: وليس على النساء (١) اقامة، وقيل يؤمر النساء بالاقامة أمرا يجاب إلى قوله أشهد أن محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بدخول الغاية وقيل إلى آخرها ويخفضن الصوت.

[الاقامة بمعنى اللبث والدوام]

يطلق الفقهاء على المكان الذى يقيم فيه الانسان على سبيل الدوام والاستقرار الوطن الأصلى ويطلقون على المكان الذى يقيم فيه بمدة محدودة تنقطع بها رخص السفر وطن الاقامة فإذا كانت المدة المحدودة لا تنقطع بها رخص السفر فقد أطلق بعض الفقهاء عليه وطن السكنى (٢). وتفصيل الكلام فى ذلك على الوجه الآتى:

[الوطن الأصلى]

[تعريفه]

الوطن الأصلى - ويسمى بالأهلى ووطن الفطرة والقرار هو موطن ولادة الانسان، أو موطن تأهله أى تزوجه - ومن قصده التعيش به لا الارتحال عنه أو مكان توطن فيه أى عزم على القرار فيه وعدم الارتحال عنه وإن لم يتأهل به ولا يحتاج الوطن الأصلى إلى نية الاقامة (٣).

هذا مذهب الحنفية وقريب من ذلك مذهب المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية (٤) مع اختلافات يسيرة فى بعض المسائل تتبين فيما يأتى:

أ -

[مكان الزوجة]

يعتبر الحنفية على ما نقل ابن عابدين فى حاشية عن شرح المنية والمحيط‍ وغيره: أن المسافر لو تزوج ببلد ولم ينو الاقامة به فقيل: لا يصير مقيما، وقيل: يصير مقيما، وهو الأوجه. ولو ماتت زوجته وبقى له فى هذا المكان. دور وعقار قيل لا يبقى وطنا له إذ المعتبر الأهل دون الدار، وقيل:

يبقى وطنا له. ويشترط‍ المالكية فى المكان الذى تأهل به تكون الزوجة مدخولا بها غير ناشر فإن ذلك يلحقه بالوطن الأصلى من حيث الأحكام التى تتعلق به ولو لم يتخذه وطنا، ويلحق بمكان الزوجة مكان السرية وأم الولد كما قال ابن الحاجب وابن عرفة ولو انتقلت الزوجة لبلد بإذنه فإنه يصير وطنا أيضا فلو ماتت وعلم بها فلا يعتبر موضعها حينئذ


(١) من كتاب شرح النيل وشفاء العليل لابن اطفيش ج ١ ص ٣٢٩، ص ٣٢٦، ص ٣٢٧، ص ٣٢٢ الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٠٣ الطبعة السابقة.
(٣) بدائع الصنائع للكاسانى ج ١ ص ١٠٣ الطبعة السابقة ورد المحتار على الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ج ١ ص ٧٤٢، ص ٧٤٣ الطبعة السابقة.
(٤) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج ١ ص ٣٦٢، ٣٦٤ الطبعة السابقة ومغنى المحتاج الى معرفة الفاظ‍ المنهاج للامام الشيخ محمد الشربينى الخطيب وبهامشه متن المنهاج للنووى ج ١ ص ٢٦٢، ص ٢٧٩ الطبعة السابقة وكشاف القناع مع منتهى الارادات ج ١ ص ٣٢٧، ص ٣٣٥ الطبعة السابقة والمغنى لابن قدامة المقدسى ج ٢ ص ١٧٣ الطبعة السابقة والمحلى لابن حزم الظاهرى ج ٥ ص ٢٤، ص ٢٥ الطبعة السابقة.